1. الطفل الراكض
“ﺃَﻏْﺮُﻡ.. أنت هنا؟!”
تنحني قليلا؛ “اقترب موعد ذهابك إلى المدرسة”..
يخرج الطفل ﺃَﻏْﺮُﻡ من بين طيات السجاد ضاحكا، يركض، تتسارع أنفاسه، يواصل الركض..
2. عالق في الساعة
انتظرها كما كان يفعل دائما، هذه المرة لم تأت..، أخذ يذرع الغرفة جيئة وذهابا لاعنا هوة عميقة لا تنفك تتسع داخله.
“من المتصل؟”
“هل كل شيء بخير؟”
تجاهل سؤالها لعلمه أنها تميز صوته جيدا، حتى أنها حدثته ذات مرة عن قدرتها على الإصغاء إليه حتى في صمته..
“أنتظر قدومك منذ ما يقارب الساعة…”
على الجهة الأخرى ارتفع صوت ذكوري مغمغما ببضع كلمات لم يتمكن من فك طلاسمها..
– يبدو أنك اتصلت بالرقم الخطأ.
– لكن..
لم يمهله محادثه على الجانب الآخر أية لحظة ليتم كلماته، اختلطت نبضاته بالطنين المستمر الذي خلفه إنهاء الاتصال..
الهوة تتسع، تلتهم كل ما يعترضها، أخذ جسده في الارتجاف وبعد برهة بدأ يشعر بخدر يسري في أطرافه..
“أين جناحي؟”
ولف الظلام كل شيء..
3. المزعج
“أية رداءة هذه؟” تمسي الأشياء بلا لون ولا روح، يتخلى المعنى عن المجاز ويرحل الرمز بعيدا حتى عن الحروف..
شيء ما عالق هنا، أحاول التعرف على ماهيته.. أتحسس حلقي في محاولة يائسة لاكتشاف كنهه: هل استقرت شوكة ما هناك أم تراها الروح عالقة بين عالمين، ولما تراها تريد الخروج؟
– أنت كاتب؟
– لا بل مجرد مزعج يبحث عن معنى، عن ألق ما..
لطالما نجحت موسيقى باجانيني في تسكين هذه الاضطرابات المدوية، لكن الأمر يبدو مختلفا اليوم ربما ﻷنها ذابت بالفعل في الروح وتسعى الآن إلى الذهاب بعيدا..
“في البداية كانت خارج كل هذه الفوضى، أليس من العبث أن يحدث هذا؟”..
– تدخن، هل تحتفظ بكل ذاك الدخان داخلك؟
– ربما كنت ﻷنفجر لو حدث ذلك معي!
“كم تدخن عادة؟” يسألني ولا ينتظر إجابة “وكم من الوقت تقضيه في السفر بين كونسيرتو وآخر؟”..
تلمع عيناه، يضحك في سخرية..
– أدخن كثيرا.. وأستمع إلى الموسيقى أكثر..