احتسي اليوم نخبا لطالما راودتك الرغبة في تذوقه إذ بعد الكثير من الشد والجذب، ناهيك الخوف الذي يتملقك إن كنت ستصحى على يوم ربيعي مشمس، فتكون أحد الأشعة التي ستضيء الأرجاء لكي تسهم في نزع رائحة الرطوبة على الكتب المحفوظة في الأدراج أو تغرق في غيبوبة بعدما تصدم بعاصفة تأتي على الأخضر واليابس فتغرق المكتبة الصرح الذي لطالما كانت نور دربك والهواء الذي ينعشك.
فلما تنتظر هذا الهول أن يأتي وتنأى بنفسك عن هذا الكابوس المزعج فليس الشرط أن تشرب الخمرة حتى تثمل ما دمت تفكر وأمامك قلم يجعل الكل يهذي بالقبيح والجميل؟
أليس من المستحسن أن تحاول، تجرب كي لا تندم يوما وتقول ليتني!
هل هناك ما يقيدك لتعبر عن رأيك وأفكارك أو لست حرا في زمن يدعي أن الحرية للجميع وتغلب فيه نظرية الديمقراطية؟
هل ستجد من سيكون طوق النجاة فيبادر في إنقاذك؟ أم من سيحطم القارب الذي تركبه فيجزم أن الرياح والأقدار قامت بذلك؟ هل.. وهل..؟ الأسئلة كثيرة إذ من يكون هذا السائل أكاتب، روائي، شاعر أم صاحب خواطر؟
المُشاهد في المجال الأدبي والإعلامي يلاحظ أن المواهب الأدبية والكتابية، الشباب منهم خاصة إما يعانون التهميش فيشعلون ذلك الفتيل ويتركوك تتفرقع أو يقومون بالتظليل مع محاولة إضفاء هالة سوداوية على كل من يأتي بنفس جديد أو يخالف أدبياتهم المعهودة والكتابات المهرودة، فمجرد الاختلاف فكريا يجعلهم يعاملونك معاملة العربيد.
لِمَ كل هذا الإزدراء والحقد في مجمع أغلب من فيه يلبس قناع الإمام أو القائد السياسي المحنك أو المصلح الاجتماعي لحشد الكثير من الأتباع والتبع!..
أما قناديل هذا المجال فتحطيم الآخرين وكسب الشهرة على حطامهم صار موضة مقيتة حتى أن البعض لا يخجل من سرقة الأفكار بحذافيرها فصارت قامات الكتاب والأدباء يعملون بمقولة “الله يكثر الطنوهة باش يعيشوا الفايقين”.. فهؤلاء “الفايقين” كانت غنيمتهم مجهود من كانوا إما مبتدئين أو منبوذين، عفوا محاصرين إعلاميا لا لشيء فإثمهم الوحيد أنهم لم يقبلوا أن يُساقوا كالقطيع أو يُدجنوا من أصحاب المصالح لتحضن بيضهم، أما ذنبهم الأعظم أن أقلامهم كانت حرة وتنقل صورة الواقع دون مكيجة، وعبروا عن آرائهم أو دافعوا عن حق الآخر في العيش.
عن نفسي فقد قررت أن أكتب حتى الثمالة ولو حتى في عجالة، سأكون طيفا في كل محفل.. أنا دون فبركة أو تزييف، أُصور الأمور كما أراها وأُفكر فيها فلن أرضي أحدا إلا نفسي والضمير الذي يخاطبني في كل صباح مشرق..
ليس العيب أن نكتب في نفس الموضوع ونبلوره حسب ما تقتضيه قناعاتنا بجدية. لكن الفضيحة الأخلاقية حقا أن أكون سارقا أدبيا بإحترافية.
انتقدوني ناقشوا أفكاري، حاولوا أن تقنعوني ولا تهدروا دمي، تكفروني، تنبذوني وتنجسوني فتقيموا حدودكم فتدعوا أنها من الشريعة الإلهية أو فوضكم الله لبسط عدالته السماوية.
نعم لن تقتصر كتاباتي في الأدبية فمن حقي أن تكون سياسية، اجتماعية أو دينية. لِمَ لا؛ فكل الظروف مهيئة من جرائد وشبكات اجتماعية.
ألسنا في عشية الشرارة الأولى لقيام ثورتنا الأبية لتأسيس دولتنا السيادية التي ضحى أجدادنا من أجلها كي نعيش في ديمقراطية، فيا صاحب كل قلم أكتب وأبدع وأطلق العنان لكل ما يختلج في جوف خاطرك وشاركنا نخب تلك الليلة الماجنة فأنت حر في زمن الحرية.