أكتب لك وليس لغيرك، وهل يغفر لي إن كتبت لغيرك؟
أما بعد؛ كيف حالك هناك؟ قد اشتقت لك أفلم تشتاقي أنتِ؟
الشتاء يسقط، والبرد قارص وأنت لست هنا، أنا عديمة الضمير والرحمة، أنا التي من دمك ولحمك والتي تركتك تحت التراب وذهبت تختبئ في خبايا منزلها، أنا من أخفيت وجهك بكفنك ولم تسقط مني دمعة كي لا تريها..
أحزنتي لأني لم أبكي أمامك!.. لقد أدمع قلبي حد الجفاف فلا تحزني..
أنا على يقين أن الله أحن وأرحم منا أجمعين وأنه قد فرح بلقياك، وقد أكرم مثواك ومن المكرم غيره؟ ولكني قد تعثرت بدونك وفقدت الفرحة وأنت منتمية لعالم ليس لي به مكان لحد الآن، لقد حرمت على نفسي ابتسامة من القلب أما الوجه فلا قيمة لابتسامته وأنت على علم بذلك.
لطالما آمنتي بأن القلب هو منبع سعادة المرء أو حزنه، منبعي حزين يا جدتي، حزين لا لسنة الحياة ولكن حزين لفراقك ولذهابك، لا أعترض على حكم الله، هو الحاكم العادل وأنا راضية بحكمه ولكن لقلبي ولمكانك في حياتي حق في أن أحزن وأن يدمع قلبي وعيناي لك ولأجلك..
جدتي؛ سألتك ولم تجيبي أم أني أكثرت عليك الأسئلة والكلام؟ أتذكر عندما كنت أخاطبك فتغضبي مني صارخة بأنك لا تفهمين شيء مما أقول!.. جدتي؛ اعفي عني واصفحي فلن أعيد الكرة، أعدك بأنني سأبطئ الكلام وسأنصت لحديثك ولن أخالف أمرك، حتى أني لن أتكلم مجددا، فقط لا تغضبي..
جدتي يقولون أنك فارقتي الحياة؟ أحقا لن أراك مجددا؟ أحقا تركتي أمي؟ إن كان العقل يقول نعم إنها سنة الله على الأرض، فالقلب لا يطبق ذلك على أرضه ولا يسعى لتطبيقه، قد خاطبني قائلا أنك تسكنيه إلى أن يتوقف هو عن النبض فأنت على أرضه لم يصدر لك أي شهادة وفاة..
جدتي آخر أمر وسأذهب، سأطلب منك نصيحة ولا تخجليني أن أعرف، كيف عساني أخبر أمي عن ذهابك؟ كيف يمكنني مواساتها؟ كيف للكلمات أن تجتمع لهذا الأمر، وإن اجتمعت هل تنطق؟ أنت فقط أخبريني بطريقة وأعدك أني لن أجادلك بها؟ أنا من أدعي ليلا نهار أن أرحل قبل أمي كي لا أعبر من هذا الجسر الذي خطى منه الكثير، كيف لي أن أواسيها لعبوره وأنا لم أواسي قلبي بعد، فإن كان جرحي بهذا القدر ترى ماذا عن جرحها؟ لا شك أنه أكبر.