“الخالدون مئة أعظمهم محمّد.” مايكل هارت
إنه تلك الشخصيّة الذكية الفطنة في عمر الأربعين تلك التي نشأت في بيئة بعيدة عن الحضارة وولد دون أب وأمه توفت في السادسة من عمره فأي عظمة هذه؟
فبالرغم من قافلة الانحطاط التي كانت تسير دون توقّف في المجتمع الجاهليّ ومن التوغّل في الجهل حينما أتى نور الكون لينتشلهم من القاع إلى القمة وليحول الظلمة إلى نور.
لقد تلقّم عليه السلام الرسالة كما يتلقّم الإنسان الطعام لقد التقطها بحرفيّة عالية، فقد كانت عوامل نجاح الرسالة كالسفينة التي تسير في البحر تلهم السائرين إلى الطريق الصائب فمن نهر أخلاقه تتذوق ما يحلو لك، ومن مشاركاته الميدانية يخرج لك أعظم قائد في التاريخ، حتى تصل لمشاورته أصحابه وزوجاته في أمور الرسالة.
نعم لم تنجح الرسالة عبثًا، بل إنّ العوامل التي شكلها الرسول عليه الصلاة والسلام كطوق نجاة لنجاح خير رسالة.. لقد تشعبت نجاحاته دينية ودنيوية فكانت كالشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء:
النجاح في توحيد أهل البادية
لقد اشتهر البدو من سكان شبه الجزيرة العربيّة بالشراسة العدوانية والقتال وقد نجح محمّد عليه الصلاة والسلام في بثّ روح الإيمان وتوحيد صفوفهم.
النجاح السياسي
القائد العظيم هو من يسيّر جيشًا عظيمًا بعدّة روحانيّة فبالرغم من قلة العدد والعُدّة القتالية إلا أنّ جيوشًا صغيرة هزمت الروم والفرس وامتدت إمبراطورية المسلمين من جبل طارق إلى الهيمالايا.
النجاح في إبراز مكانة المرأة
على الرغم من النعيق الذي نسمعه كلّ يوم عن التقليل من دور الامرأة إلا أنه عليه السلام احترم المرأة وأعطاها المكانة السامية فقد كانت نساء النبي يستشرن بأمور الدين وكانت الصحابيات تشاركن في الغزوات ليداوين الجرحى، ودين محمد عليه الصلاة والسلام هو الدين الذي أبرز مكانة المرأة بلباس يعرفها الغريب والقريب فهو كالهوية لها دونما كلام.
النجاح بالإنسانيّة
لقد كان محمد – صلى الله عليه وسلام- ضحوكًا فكان يحبه عامة الناس فتعامل مع الغني والفقير والعالم والجاهل، والأصدقاء والغرباء فكان يستمع لهم ولشكواهم، وللأطفال من الحب نصيب فلم يدعهم الرسول عليه السلام يبكون ولم يفضل عنهم أحدًا وكان يحضر الأطفال دروسه كالكبار وغمر الكون بعطف وحنان ولين فحتى الحيوانات نالت من رحمته وجذع النخلة حين بكى شوقًا لمجالسته احتضنه -عليه السلام-..
إنه النجاح العادل
“محمد حكم دولة الإسلام بالعدل، ولم يترك عند وفاته دينارًا ولا درهمًا.” واشنطن أرفنج
العدل كإطار للصورة في نجاحات الرسول الأعظم فحينما قام واختطب بفيه الشريف: “لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”..
أيهون على حاكم أو أيّ إنسان عادي أن يقاصص ابنه أو يهدد بمقاصصته؟ وأي ابن الابن الأحب والأقرب إليه؟
إن التدبّر في سيرة الحبيب يجعلك تعجب من تهيئة الله لقائد عظيم لقد كان عليه السلام حنكًا فطنًا، فأحكم الإدارة في بيته وشدّ زمام الإدارة في تجارته وكان عظيمًا مع أصحابه وبحنكة وفطنة وحزم ولين دبّر، وأدار أمر دعوته لتصل كافّة بقاع الأرض وجعل كل الأهداف الصغيرة تخدم الهدف العظيم.
عبقّرية محمد صلى الله عليه وسلم تذهل كل من يتأملها ويتدبّرها بعناية ربانيّة وتعقّل وتوكّل قد أحكم وظائف الإدارة الخمسة فابتدأها بالتخطيط فالتنظيم فالتوظيف فالتوجيه ثم شيّدها بعامل الرقابة؛ ليحافظ على الأربع السابقة..
“قم فأنذر”.. عندما علم -عليه السلام- الهدف انتفض وقام ثابر ودعا من أجل لا إله إلا الله عاش وهيّأ نفسه فبالرغم من انتصاراته الشتّى لم تثر كبرياءً لديه وبقي متواضعًا فكل ما صنعه من أجل الهدف الأعظم، فإن أردت أن تكون ناجحًا فعليك باتباع الحبيب..
اجعل لا إله إلا الله هدفك فيكون مأكلك ومشربك وعملك وزواجك وذريتك من أجل الله عزّ وجلّ، فهو هدف في سورة تنير حياة المسلمين وتهديهم وشرط للتمكين في الأرض..
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} (سورة النور:55)