عندما أقرأ وأسمع عن حرب ضروس تدور رحاها يين أبرز مثقفينا وكتابنا في الجزائر تُستعمل فيها كل وسائل الإعلام، تظن أنك ربما تقرأ أو تسمع عن حرب هدفها تمكين فكرة إيجابية أو إيجاد حل لمشكلة اجتماعية أو مطالبة بتطبيق دراسة اقتصادية للأزمة المالية التي تمر بها البلاد، أو تنظير لرؤية جديدة في مجال الحقوق والحريات التي تكاد تغيب في بعض الأحيان أو محاولة لفرض رأي حول قضية سياسية متعلقة بتكريس الديمقراطية والتداول على السلطة في سدة الحكم أو حتى في الأحزاب..
لكن في الحقيقة لم تكن تلك الحرب يين زبدة المجتمع ونخبته لسبب من الأسباب السابقة فقط، كان لمجرد تصفية لحسابات وشخصنة للمشكلة وإكالة للتهم وتنابز بالألقاب، ونجومية إعلامية زائدة تتحجج بالدفاع عن التاريخ والثورة، بل تدافع عن المعتقدات مستعطفين رواد شبكات التواصل الاجتماعي ومحاولة لاستقطاب الشعب المستضعف الذي بات يموج ويهيج لأي شيء بداية من أخبار الفنانين والمثقفين إلى أخبار الرياضة وصولا إلى أخبار البنزين والخبز..
فوضى على كل المستويات. سلطة، أحزاب، نخب، وحتى الشعب وفي كل القطاعات..، يحدث كل هذا وسط صمت جنائزي تغرق فيه الأغلبية، وكأنها مصابة بعمى الألوان، لا تنتبه إلى العالم من حولنا رغم جولاتها المكوكية ومشاركتها في كبريات المهرجانات العالمية، كأنها صماء بكماء عمياء لا تدرك أن الشعوب العربية والعالمية تتغير وتتطور وتنتفض ضدّ البذاءة والرداءة وانتشار الفساد وغياب الوعي.
يحدث هذا بينما تبحر قوارب الموت يوميا نحو الضفة الأخرى يركبها شباب ونساء وأطفال يهربون من مصير مجهول إلى مصير أكثر ظلمة وسوادا.
لن يكون المستقبل مسودا كما المشهد الآن لو تنتفض النخبة وينهض المثقفون في وجه الفساد والاستبداد والجهل والفقر وغياب الحلول وتعتيم الصورة، لأن أصل حضارة الأمم ونهوضها بصلاح مثقفيها ونخبها فإن كانت هي للدف ضاربة فإن شيمة الشعب الرقص والغناء.
كاتب التدوينة: بلخير معافة