ورّطني أحدهم حينما سألني عن الليل فقلت: نتغنى بالليل والهتافات الصاخبة فيه ونحن ننام قبل غيرنا الذين لا يقدسون الليل ولا يتغنون به، نعيش الليل في النهار وتضيع أحلام النهار.
أعللتني وأعييتني أيها الليل، وبقيت تسرق مني لحظات العمر وهربت، تخليت عني وأنا وجلت..
هجرتني بعدما آهاتي حفرت ونبشت، رعرعت فيّ الصفصافة وأغريت السنونوة حتى ثمل كلها وسيوفَ تخليك في صدرها غرست..
هل لي بليل باسل لا يقتله انطفاء الكهرباء؟
آيات الغزل المكدسة على الرف الأول من الذاكرة، طفقت تتململ وتحتج خوفا من ألا تأتي العابرة وتسجد لها دون إعجاب أو انبهار..
الانغماس في التابوت المظلم ما عاد يرجع الصلابة لعظمي ولا الوداعة في عيني..
هراء هراء هراء، هو ذلك النباح الخارج من حنجرة بعوضة ما رأت الكلب يوما، وفي تلك العبّارة ماخور يركل كل المومسات المبصرات والعمياوات، في كل زاوية معلنا هشاشة الهشاشة والبصق في وجه كل انكسار..
آه كم شوكة انتشلتها من الهواء المحدق بي حينما لفظت كلمة الليل العالقة بين نواجذ شعري الأشعث..
وأنا أحاول التقاط حبات من نديف العهن المرصوص بالفولاذ المنصهر على عتبات الرضا الراضي بالصغار والانكماش تحت جلدة ظفر مارق نسي أين كان قبل عدة خيبات.
اللعنات تنهال على تلك الافتراضية، إذا ما حاولت التسلل إلى واقعه وتوهمت أنها بدأت تكون فيه والصلوات، تظل تُتلى لها ما دامت غير قابعة فيه، وتظل خيوط الأوهام تسبك وتنسج إلى أن تشل الأوجاع هناك فهنا بلسم يطيب كل سقم ويصيب الذاكرة المتذكرة لهناك بالزهايمر والوجع الزمهرير دافئ هنا.
عدت إليك يا ليل وكلي بشاعة تقطر مني ومنك وجعلتني أسود وأردت أن أغسل سوادك ولم أفلح..
وهل يختلف سواد عن سواد؟ وهل كل سواد يغسل وينجلي؟
وبقيت يا ليل أسود وعدت أنا من بين فكيك فحمة تحرق وتحترق ولكن لا دفء فيها..
وسأشجو لليل أهزوجة تعج باللعنات وبكل اللغات.
جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي يوث.