إحياء ذكرى إمام العطاشى الحسين في عاشوراء عندنا في الجنوب التونسي مختلف تمام الاختلاف عن كل مناطق البلاد.
هذه المنطقة ذات التراث الشيعي الغابر، في حالة حداد دائمة لاواعية على الحسين..
ويحضر الانتماء الشيعي حتى في منطوقها الشفوي اليومي عبر إضافة ألقاب “سيدي” و “للا” على أسماء كعلي وزينب..
إنها تبدو في “الملحفة” السوداء ذات السفيفة الزرقاء التي تلبسها نسوة نفطة (التي كانت تلقب بالكوفة الصغرى سابقا) على مدار العام رمزا للحداد على الحسين..
الأسطورة “العاشورائية” إن جاز التعبير ليست عربية عذراء فالاحتفال هنا تجند له كل العناصر الطقوسية السحرية من رقص وغناء وطبخ ليتداخل فيها العربي مع الأمازيغي..
الأطفال يخرجون في هذه الأيام حاملين آلاتهم الإيقاعية ويترنمون بأغنية أشبه بالتعويذة تقول فيها:
“للاّ عاشوراة حني كولي الوزف وغني على مرا هجالة كلاها الذيب خسارة”…
مع شخص يلبس لباس امرأة ويغطي وجهه بملحفة ويدخل قطعة خشبية تحت الفستان مستديرة تسمى “اللارة” ويحركها وهو يرقص والأطفال خلفه..
لا نعرف مصدر هذه الأغنية ومن هو الذئب ومن هي الأرملة التي أكلها وسر هذه الرقصة..
إنها تعويذة غاية في التعقيد وفي الرمزية ولا يفهم علاقتها بمقتل الحسين..
يطبخ الكسكسي الأكلة الأمازيغية المعروفة مع القديد في هذا الجو الصاخب والاحتفالي..
في حين تعلو أصوات صياح الأطفال واللحاف الأسود بطريقة تجعل كل هذا المشهد يبدو وكأنه طقس ديني سحري، هدفه استحضار مشهد قتل مركب وملغز وغير مفهوم..
هذا ما يحدث في نفطة عندما كنت طفلا في احتفالات عاشوراء..
تعليق واحد