كم هو سهل أن نجعل الصديق يغدو عدوا في لحظات، بكلمات بسيطة تجرحه في كرامته وتجعله عدوا لدودا.. ولكن الأصعب أن يكون المكلف بهذه المهمة غيرنا ليدع صديقك الصدوق يتغير عليك في لحظة دون سابق إنذار، وبدون عذر مقبول، فجأة كل ما كان بينكم يتبخر.. مشاعر أخوة ومحبة وتقدير واحترام لم يعد منها شيء أبدا.. كل شيء انتهى وصار من الماضي المنسي كأنه لم يكن يوما..
ليسبب لنا وجعا يبكي الغريب وما بالك بالقريب الذي اعتبرناه توأم الروح ذات يوم، إذ يعود فاقد الإحساس بنا كأن ما كان بيننا لم ينبني على أساس صحيح، وكأن كل شيء مجرد مسرحية، جسدت دور حبيبين تكون نهاية علاقتهما الفراق وتكون علاقتهم من عدم بسبب الأغيار، الذين يشوهون صورتنا أمام أحبابنا وأمام الأشخاص الأقرباء؛ فقط لمنح ضميرهم شيئا من الراحة التي حرموا منها بتصرفاتنا البريئة تجاههم وباطلاعنا إياهم لأبسط أسرارنا ودهاليزنا..
أولئك الذين نرى فيهم الحياة والخير، فمشاعرنا دائما تكون نقية وصادقة ونقصد كل ما نقول ولا ندري كيف للسيوف أن تتجه نحونا ونحن من نعطي لهم السهام، فأصحاب القلوب الطيبة حين تصاب بجروح تكون في أمس الحاجة إلى ترميم لأن جروحهم تكون أعمق بكثير والزمن لا يكون كفيل بترميمها أبدا، وتكون قابلة للانهزام بمجرد تلميحات وأخطاء غير مقصودة حتى.
فالنفوس لا تعود تحتمل كل ما يقال عنها، ولا كل ما تقابله من أحداث ولا تصرفات مسيئة لها، وتكون هادئة على غير المعتاد، لكون الأصوات الصاخبة الآتية من القلوب والذكريات كافية لإيقاظ البشرية جمعاء.
فتكفي محاولات تشويه سمعة أشخاص كانوا بالنسبة لهم حياة وفرح وسبب سعادة، يكفي لأن الحياة دائرة فاليوم لك ولكن تأكد غدا سيكون عليك لا محال ولن تجد معك سوى ذاك الشخص الذي حاولت بكل قواك إيقاعه في شباكك الفتاكة يوما.