أكبر نكتة هي حينما تعيش في مكان وتتجرأ بتسميته “وطن” أثناء كون حياتك وقيمتها بالنسبة لمواطنين هذا الوطن لا تعادل أكثر من قيمة الرصاصة التي يقتلوك بها حينما يقرر أحدهم ذلك..
صدق “مصطفى الصوفي” حين قال هذه الجملة علنا أمام وطنه..
عشرون عام لقائل الحق ومطالب بالحرية، عشرون عام في حق من خرج ليطالب بأبسط حقوقه وعشرون سنة للأمل، وعشرون سنة للكلمة وللفكرة وللصوت..
هذا ناتج عن غياب الحكمة وغياب الديمقراطية وغياب التبصر بالنسبة للأخطار التي تصيب بلدنا اليوم.. وأن الدولة تنهج سياسة القمع تجاه نشطاء واعون بما ينددون، وتتجاهل المطالب المشروعة ولم تجد من جواب سوى المقاربة الأمنية وأحكام سجن بعشرين سنة نافدة..
ولطالما أن النظام غير الديمقراطي؛ يمكن في حالات كثيرة أن يفرض قدرا ضئيلا من القيود، في حين أن النظام الديمقراطي قد يتوسع في فرض القيود التي لا يقلل من وطأتها وقوفها في مواجهة القهر والجبر الذي يمارسه الوطن على إرادتنا والعكس ما نراه اليوم في وطننا..
نعم إنه وطننا العزيز الذي يعطي عن نفسه صورة الوطن الغاضب، الوطن المكسور، الوطن الطاغي، ربما من الأفضل أن نعيش في نظام لأباطرة الفساد على أن نعيش تحت سلطة من يدعون الفضيلة والذين يقمعوننا من أجل مصلحتنا..
يُحكى أن الوطن هو العمود الفقري للمواطن، أي بمعنى سنده واستقامة اعوجاجه..
فلا أجد أي سند من قبله حتى اليوم وأنا أبلغ من العمر ما تقدم منه، لستَ أبدا يا وطني بعمودي الفقري إذ كنت أسدد العديد من الضرائب بكل أريحية وأنا على يقين تام أنني لن أنتفع منها لا في الصحة ولا في التعليم ولا البنيات التحتية والكل جلي وواضح أمام أعيننا..
ربما الوطن الخائن الذي خان أملانا اتجاهه الخيانة الشاذة والمدمرة للتواصل الإنساني..
فماذا سنحكي لأبنائنا عن خيانة وطن، أم أن من طالبوا بحقوقهم وحريتهم الفردية في التعبير عنها، اتهموا بالخيانة وقضوا أزيد من عشرين سنة من حياتهم في السجون..