مدونات الرأي

عندما يصبح المهر ثمنا للعذرية

كثيرا ما نسمع أهل العروس يتباهون بمقدار الصداق الذي أعطي لابنتهم. الصداق هو مبلغ يحدده أب العروس ليدفعه العريس وعلى الأب أن يقدم بعض المميزات تمكنه من رفع المهر، فمثلا أنها بيتوتية تطبخ تكنس تنظف تغسل وتكوي أو أنها من سلالة خصبة تلد الذكور لجذب انتباه أم العريس، والأهم أنها عذراء لإيقاظ رغبة العريس ليسيل لعابه وكأنه كلب رأى قطعة لحم طازجة للتو ليدفع دون تردد..

للإشارة هناك من يدفع نصف المبلغ على أن يدفع النصف الآخر بعد ليلة الدخلة أو بمعنى أصح بعد أن يتأكد من عذرية العروس ليتم إعلاء شارة الفوز التي هي عبارة عن دم العذرية ليرفع العريس رأسه عاليا “نعم إنه أنا من ذبح أنا الفحل الذي نزع الغطاء والبكارة كانت من نصيبي”..

وفي المقابل نجد العروس هي الأخرى تعلو وجهها ابتسامة تعجرف وسط حشد من الناس فهي الأخرى تقول “أنا عذراء أرأيتم ذاك الدم هناك إنه دمي لقد تم نكاحي للتو وأنا جد فرحة لأني أرضيت زوجي”.

مهزلة!

لست ممن يقول أن الصداق سعر يبيع به الأهل بناتهم وإن كان بعضهم يفعل ذلك بالفعل، لكن إن كان غشاء البكارة هو الشيء الذي يحدد الصداق أو المهر فهو حتما عقد بيع وشراء ولن ننكر أن هذا جاري به العمل فصداق العذراء ليس هو صداق المطلقة، فمثلا نجد أن أم العريس إن صمم ابنها على الزواج من امرأة مطلقة تصر على أنهم لن يقدموا لها سوى مبلغ بسيط ليتم به تحليل الزواج فقط، فهي ليست بنت بنوت والمطلقة هي الأخرى راضية بحجة أنها مطلقة لا تستحق الصداق هي فقط تريد الزواج.

هزلت!

دعوني أخمن إن كان الصداق يعطى من أجل غشاء البكارة فإن المسؤول الوحيد عن تحديد السعر هن البنات نفسهن، فقط هن يعلمن ماذا عانين من أجل جلدة تافهة بين أفخاذهن فلتدفعوا لهن سعرا مقابل حفاظهن عليها وسعرا مقابل خوفهن من أن يغتصبوا في كل مرة يخرجن فيها، سعرا مقابل كل ليلة نمنها وهن خائفات من أن يغتصبهن أحد الأقارب..

سعرا مقابل حرمان أنفسهن مما يعجبهن كممارسة بعض الرياضات خوفا على ذاك الغشاء اللعين وسعرا مقابل أحلامهن التي ضاعت، سعرا مقابل سجنهن في البيت لأنهن بنات قد يجلبن العار للعائلة، سعرا لكبت إحدى رغباتهن الطبيعية وسعرا لصبرهن على كل هذا منذ ولادتهن لذا فالسعر سيكون ملايين الدولارات ولهن حرية اختيار الشخص الذي يستحق كل هاته التضحيات بالتأكيد وعليهن ألا يبعن أنفسهن بالرخيص.

إن الصداق ما هو إلا هدية من عريس لعروسه ولا يجب الأخذ والعطاء فيه حتى فهو يجب أن يحدث بين العريس والعروس وليس واجبا أن نخطه في عقد الزواج وكتب المقدم والمؤخر وكأننا نعقد عقد كراء، والأهم هنا أن الصداق ليس له علاقة بعذرية العروس فالعذرية وغشاء البكارة الذي يتدخل فيه الصغير والكبير القريب والبعيد والذي يراه سكان الحي بأكمله ولا ينقص سوى نشره في جرائد الصباح لكن يا ترى على أي صفحة سينشر!

هل على صفحة الحوادث طالما فيه دم أم على صفحة الإقتصاد طالما فيه أسعار وأموال أو صفحة قضايا المجتمع لا أعلم. فعلا هزلت!

إن هذا الغشاء لا يخص سوى صاحبته هي من عليها التصرف فيه وحدها لا أحد غيرها لها كامل الحرية فيه لذا كفاكم عبثا ولا تحصروا قيمة المرأة في عذريتها وشيء آخر ذاك الغشاء ليس هو الشرف، الشرف أكبر بكثير من أن يكون جلدة خرقاء.

في وقتنا هذا أظننا تخطينا أمر صفقة الزواج هاته إلى حد ما لكن لا تزال العذرية تشكل عائقا لم نتجاوزه بعد طالما مازالت العروس تدلي بشهادة عذرية في حين ليست ضرورية بالنسبة للعريس وهذا احتقار لها فإن كانت هي عذراء فهي حتما لا تستحق سوى شخص مثلها.

إن أغلب الفتيات الآن يحافظن على عذريتهن لشيء واحد هو خوفهن من أهلهن ومن كلام الناس وخوفا من ذاك العريس الذي قد يكشف أمرهن ليلة الدخلة وخوفا من الطبيب الذي سيكشف عليهن من أجل شهادة العذرية، وهن الفتيات نفسهن اللواتي كسرن كل التقاليد شربن الخمر السجائر رقصن في العلب الليلية وصاحبن الشباب حتى أنهن مارسن الجنس بطرق تجعلهن يحافظن على عذريتهن.

قمة النفاق الذاتي والكارثة أن المجتمع يخول ذلك فمثلا إن تزوجت فتاة مارست كل الطقوس المذكورة أعلاه واتضح أنها عذراء يغفر كل ما لها من سوابق في جملة واحدة المهم أنها عذراء، تصيبني هستيريا من الضحك حالما أسمع مثل هاته الأفكار وألعن مجتمعي وأفكاره الجاهلة بدل المرة ألف، لا أعلم لكني لاحظت أننا أصبحنا نعيش في مجتمع يرتدي سترينغ ويحمل علبة السجائر تحت الحجاب ويريبني حقا ما وصلنا إليه بل ويريبني أكثر ما قد نصل إليه.

أردنا الانفتاح وما هذا بانفتاح أجهل حتى ما أسميه، الانفتاح المصحوب بالجهل يولد هكذا كوارث، لقد ظن الكل أن الحرية هي فعل كل ما هو ممنوع وغير مباح ولكن الحرية هي أن يكون لك آراء اختيارات أن تضع لنفسك مبادئ وأن يكون كل شيء في حياتك اختيارك أنت وأن تضع لنفسك أهدافا أن تعطي لحياتك طعما أنت نفسك أضفته، أما الركض فورا صوب كل الممنوعات فأنت ككلب جائع مربوط سيركض نحو الطعام ما إن يتم فك رباطه ويظل يأكل يأكل وينسى أن بإمكانه المشي حيث شاء أو الجري أو اللعب، أن يستمتع بالسير دون رباط يخنق عنقه.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

أظهر المزيد

حكيمة توفيق

مدونة مغربية، أستاذة لغة إنجليزية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
marsbahisEscortSaatlik escortManisa escortGümüşhane escortfethiye escortzlotcasibombets10bettilt girişcasibom girişslot siteleribetmatikdeneme bonusubonus veren sitelerjojobetfethiye escortfethiye escortbbets10casibomdeneme bonusu veren sitelerhholiganbetcasibomonwinparabetdeneme bonusu veren sitelermarsbahis giriştaraftarium24fethiye escortfethiye escort
Etimesgut evden eve nakliyatankara ofis taşımacılığıEtimesgut evden eve nakliyattuzla evden eve nakliyatçankaya evden eve nakliyatmersin evden eve nakliyatçekici ankaraAntalya Çitseo çalışmasıtuzla evden eve nakliyatmaldives online casinoankara evden eve nakliyatoto çekiciEtimesgut evden eve nakliyatEtimesgut evden eve nakliyatEtimesgut evden eve nakliyattuzla asansörlü nakliyatpolatlı evden eve nakliyatMedyumniğde evden eve nakliyatyenimahalle evden eve nakliyateskişehir uydu servisigoogle adspubg mobile ucankara evden eve nakliyattuzla nakliyatüsküdar evden eve nakliyatMapsodunpazarı emlakAntika alanlarAntika alanlarAntika alanlareskişehir web sitesikocaeli evden eve nakliyatAntika mobilya alanlarantika eşya alan yerlerantika eşya satmakseo fiyatlarıMetafizikMedyumbmw repair edmontonAntika alanlarAntika alanlarAntika alanlarAntika alanlarAntika Eşya alanlarAntika Eşya alanlarantikaİzmir Medyumweb sitesi yapımıteknede eğlencereplika saatreplika saatreplika saatcasibomAntika mobilya alanlarAntika mobilya alanlardijital danışmanlıkcin musallatımarsbahis girişmarsbahis girişmarsbahis girişmarsbahis girişcasibom giriş twitter