عهد، لم يكن من محض المصادفات أن تزهر ناريمان (أم عهد) يوم 30 مارس، فهو أحد أيام الربيع، لكن هو كذلك يوم الأرض، ففي هذا الشهر قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الهكتارات من الأراضي الفلسطينية.
وفي 30 مارس، رأت النور عهد التميمي، هي زهرة لكن ليست ككل الزهور، فريدة ومنفردة، زهرة لكن بأشواك تغرس وتدمي أصابع جنود الاحتلال كلما اقتربت منها، هي زهرة لكن لا تسر الناظرين إليها من جنود إسرائيل، كلما حدقوا فيها النظر، هي زهرة لكن تتحول إلى شوكة في حلق الآلة العسكرية الإسرائيلية. مع سناء محيدلي وسهى بشارة أكملت مثلث المقاومة والرعب للاحتلال وأصبح المثلث أنثوي متساوي الأضلاع.
رضعت حليب العزة والكرامة والأنفة والشجاعة والمقاومة، ولم ترضع حليب الذل والخوف والخضوع والاستسلام.
الآلة العسكرية الإسرائيلية لم تنظر إلى عهد مرة واحدة، رأت فيها قنبلة يجب أن تفكك، خطرا آتيا من أنثى، وشكلا جديدا من المقاومة، رأت فيها تركيبة خطيرة، مزجت فيها الطفولة بالأنوثة بحب الوطن والمقاومة والتحدي، لم تنظر إلى خصلات شعرها المتدلية كَعُرْيْ يجب أن يغطى بحجاب ما، بل كسهام تخترق أجسادهم، لم تر في عيونها ونظراتها الحادة إغراءات أنثوية بل صواريخ تخترق أجساد جنودها وتمزق أحشائهم، يجب أن تحطم وتكسر.
لم تكن قدوة عهد، مادونا أو ريهانا أو نانسي أو هيفاء، بل قدوتها، شادية أبو غزالة وليلى خالد ولائحة المناضلات طويلة. لم تكن لتشارك في أتفه البرامج من قبيل: “ملكة جمال العرب” فهي الجمال كله، أو “مليحة العرب” فهي ملح يذر في كل لحظة على الجرح الإسرائيلي.
بابتسامتها تستفز جنود إسرائيل وتحرك دباباتهم، بصرخاتها تهز أركان دولة إسرائيل الديمقراطية، بصفعتها لأحد جنودهم زعزعت الآلة القمعية الإسرائيلية، لذلك تجندت لها كتيبة ليلية مدججة ومجهزة لاعتقالها، فصفعتها وإن كانت من أيادي الأنوثة والطفولة فهي ذات مفعول ووقع قنبلة أو دبابة.
هي الأنثى وهي الطفولة، هي الأرض وهي الكرامة، هي الحياة وهي الأمل، هي المستقبل وهي الصمود، هي المقاومة وحين تأتي المقاومة من الطفولة ومن الأنوثة، فالوقع والصدى والمعنى يكون أقوى وأكثر فعالية، فهل تتحرك الجمعيات النسائية المغربية في مبادرة تضامنية إنسانية لتشكيل النواة الأولى لجبهة نسائية عالمية تطالب بإطلاق سراح هذه الحمامة التي لا يتسع لها أي قفص؟