عزيزي سانتا..
أخبرتني ماريا ذات يوم أن ميلاد يسوع يوافق شهر أغسطس وفقا لما ذكر في قرآننا: “وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا“، والرطب لا يثمر إلا بالصيف..
أخبرتني أيضا أن سورة الأحزاب تشبه إلى حد كبير سورة البقرة، وأن هناك معوذة ثالثة وهي “أعوذ بك من شرور النفس وهموم ما لنا على حملها صبرا”..
عزيزي سانتا..
مضت خمس سنوات لا أتذكر منها سوى النسيان، تعلمت الهدوء، ووجدت نفسي قرب نفسي، فضلت العزلة لأرتقي، لكني لم أصل بعد، ولم أحقق أي إنجاز على المستوى الشخصي، ولم أرضَ ولن أبلغ الرضا أبدا..
عزيزى سانتا..
أنا لا أعرف حيفا، لكني أراها كل يوم في حلمي، حيفا وما بعد حيفا، ستزهر وعدا من ألمي، أنا عائد إلى حيفا مهما كلفني الأمر، كلنا ولدنا فلسطينين بالفطرة، مسألة وقت فقط، في النهاية هي إسرائليات العصر فحسب..
عزيزي سانتا..
في إبريل سنة 80؛ كتبت جيلان عزيز إلى رسيل رسالة تخبره فيها أنها تعاني من القولون، وأن الوظيفة التي حصلت عليها غير مناسبة، في حين أن رسيل كان قد بدأ بالفعل أولى جلسات العلاج الكيماوي، كيف كان شعوره وهو يقرأ رسالتها!!
مضت 38 سنة، وأنا يقتلني الفضول تجاه شعوره في هذه اللحظه، لا يهمني إن كان ميتا أو ما زال حيا
لكن يهمني الشعور فقط آنذاك..
عزيزي سانتا..
أعرف طفلا كانو يتهمونه “بالتفاهة” لمجرد أنه كان مرح، يلهو أحيانا، يفعل ما يحلو له، يبتسم دائما، يحاول أن يكون الأفضل، لقد دمره هذا التعبير الساذج، بعد اثنا عشر سنة قابلت هذا الطفل وأخبرني أن التفاهة هي أن تنام سكران وتحلم أنك في الجنة!
عزيزي سانتا..
هناك شاب في ليلة الاختبار النهائي يتصل بأمه في الرابعة فجرا، يوقظها ليخبرها بأن الشتاء يلهو بجسد ابنك النحيل، فتوصيه بارتداء بعض الملابس، فيبكي بهستريه ويخبرها بأن الدفء بأحضانك فقط..
ما الذي يجعل شاب يبكي في هذا الوقت؟
الاختبار، البرد! لا أظن ذلك!!
عزيزي سانتا..
قلت لصديق ذات مرة “لتبكي وراء الأفلام وتهزمك الأغاني ويضعفك كل شيء إلا البشر”، يومها رأيت فتاة تشبهها مجرد شبه فقط، فأحببتها، وكلما رأيت بشرا يشبهها أحببته، أشباهها الأربعين تيقنت أنها كذبة، لقد تخطت الثمانين، وتعبت من العد، منذ ذلك الوقت وأنا لم يضعفني شيء سواها..
عزيزي سانتا..
لا أريد أي هدايا، إلا شيء فقط إن تكرمت..
لا تهتم أنا بخير، أنا بخير منذ أن كتبت رسالة إلى صديقي الفرنسي أخبره فيها، كيف حالك، وكيف حال أسرتك، وأدعوك لزيارة مصر لرؤية الأهرامات والآثار المصرية القديمة!
لا شيء تغير صدقني، سوى أن الآثار المصرية القديمة سرق معظمها، ويعرض الآن في متاحف دول الخليج..