لا تستسلم للفشل

أشرقت شمس الصباح معلنة بدء يوم جديد في فصل صيفي رائع، مرسلة خيوط أشعتها الذهبية على عالم أخرجته من ظلامه الدامس، أشعة تسللت إلى غرفتي خلف لوح من زجاج قائم على شباك خشبي عتيق، لكنها لم تصل إلى قلبي المظلم الذي تكسوه غيمة فصل الشتاء، غيمة لطالما حاولت نزعها لكنها تمتلكني بقوة، فالحزن يملئ حياتي بل يزرع بدوره في أعماقي.

مثل كل يوم، مع تنهدات الصباح فتحت عيناي المرهقتان من السهر، فالنوم لا يجد في جسدي ملاذا، والأفكار السلبية لا تفارقني حتى في أحلامي، أما عن الدموع التي تصاحبني تنهمر على وجنتي كل يوم بل كل ساعة ودقيقة، فما الفائدة من البكاء؟ وسط كل هذه الأحزان والأحداث المضطربة..

أما الفشل فهو يختارني وكأنه قدري، حقا أعترف أني فشلت وتعثرت..

أكيد لست الوحيدة التي فشلت، غير أنني استفدت منه عكس الكثيرين، حيث بقي راسخا في ذاكرتي، أتدرون لا أستطيع أن أقفز من الفرح أو أن أتدوق طعم النجاح، فذاك الشبح الخفي المسمى بالفشل لا يزال يلاحقني أذهبت وارتحلت، لا أعلم لما!.. حتى أنني قد استسلمت لهاته الأفكار وسمحت لها بامتلاكي كيفما تريد..

آاه؛ فكل ما أجيده في هذه الحياة أو بالأحرى ما أعرفه هو أنني أنثى مبدعة في تأنيب نفسها وتدمير قوتها وأفكارها الإيجابية..

صراحة، لم أكن أنوي أن أتحدث، لأنه كلما استرجعت شريط حياتي هذا تضيق بي نفسي، وأصبح متضايقة ومكتئبة أكثر مما مررت به من قبل، فلا أعرف إلى متى سأمضي على هذا الحال، لذا حان وقت التغيير، نعم تغيير الأفكار لأنه مادامت ثقتي بنفسي مبعثرة، إن لم أقل غير موجودة، وتلك السلبية تسكن عقلي في كل أرجائه فسأبقى على هذا الوضع إلى الممات وعندها حقا سأكون فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى..

أتذكر حينها أنني قمت من سريري بكل قوة، وكأن شخصا يدفعني لأنهض من قوقعتي تلك، توضأت وصليت ركعتين لله وسجدت طويلا حتى أحسست بأن أنفاسي ترتاح مع كل سجدة لي؛ وقلبي ينبض بشكل منتظم، فحقا صدق المولى لقوله جل جلاله {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}..

عندها لا اعرف لماذا بكيت وبكيت وكانت كل دمعة تنزل، تفرغ قلبي وعقلي من كل تلك الأشياء السلبية والمدمرة لروحي، بعدها مسحت بيدي المرتعشتان، وهرولت إلى نافذة غرفتي وتأملت كل المشاة في ممر الشارع؛ كل واحد كان يذهب بسرعة إلى وجهته التي كان يريد الوصول إليها، إلا أنا أتذكر بعد فشلي كنت في مكاني نفسه لم أغيره ولم أجرب شيء آخر..

حتما؛ أنا من دفعت نفسي إلى تلك الحالة، ليس العيب في الفشل، بل في الشخص نفسه إذا استسلم للفشل مرارا وتكرارا، والشمس هي الأخرى في حد ذاتها مشرقة جميلة تبهج الحياة وتضيء العالم بعدما كان في ظلمته الحالكة..

إذن هكذا نحن؛ بعد فشلنا سيأتي نجاحنا إن لم نستسلم للفشل؛ لذا يجب علينا أن نقوي أنفسنا ونواجه كل العراقيل التي تواجهنا من أجل الاستمتاع بهاته الحياة..

لن نترك للفشل منفذا في عقلنا وجسمنا، يجب أن تزدهر قلوبنا بالربيع والورود الآسرة بألوانها ذات الرائحة العطرة، وفي كل مرة نسقط سنلملم أشتاتنا ونجعلها نقاط قوة وطاقة كبيرة من أجل مواجهة الحياة أكثر من أمس، لن نموت قبل موتنا وسنصل أو نصل، سننجح أو ننجح، ردد في كل خيبة سأكون أو أكون، بالإرادة والطموح والعزيمة حتما سنكون.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version