وسقطتُ في داخلي، لا أعلم إن كان منفايَّ هذا أمْ أنّه المأوىٰ. سبيلٌ جديد به المُتنَفس.
وهممتُ بعزمٍ وفرح أطوي الطريق طيًا!
أجوب هُنّا وهنّاك. لحظات كثٌر في نشوىٰ الطريق.
لكنْ، مهلًا! الضباب يظلل المكان، المساحات تتقلص، الضوء يتلاشي الذكريات تتنافر، والصدرُ يضيق.
وماذا عنّي؟ لقدْ كنتُ طفلة! كيف وصلتُ إلىٰ هذا العمرِ؟ بل متىٰ؟
ثم سقطت ثانيةً في بئر نفسي لا أعلم لماذا ولكنّي سقطت، لأجد أناسًا غرباء وحياةً أغرب.
أتسآل كيف وصل هؤلاء إلىٰ هُنّا، هل سقطوا مثلما سقطت؟!
لماذا الحياة آخذةً بعقولهم هكذا؟
أصرخ فيهم ولا أحدًا يجيب. الشيب يخطو رويدًا رويدًا رؤوسهَم، العجزُ يرسم ملامحَ وجوهِهم والضعف هشيمًا بذرة أجسادَهم.
الوحشة تزيد والعتمة تكاد تفتك بي. أبحث علّي أجد من يُشبهني.
– يا عم! يا عم! ما تلك الحياة؟ يا عم! هل تسمعني؟
– يا خالة! هلّا أجبتيني أنتِ! ما حالتكم هذة؟ كيف جئتم؟ ولماذا؟
– لا تَهرُبي يا بُنَيَّتِي.
– يا خالة! يا خالة!
وهربت إلىٰ قاع البئر لأفيق فأبصر العمر وقد برىٰ جسدي. الضعف يتسلل من أطرافي لأعماقي إلىٰ أنْ بلغ منّي فجلست علىٰ حافة الطريق أرقب الحياة تروح وتجيئ إلىٰ أنْ آتتني طفلة تسأل عن حالنا.
– لا تَهرُبي يا بُنَيَّتِي.
ثم مضيت أفكر. والآن، إلىٰ أين الهروب؟ وإن هربتُ فما المفر؟ أين النهاية والمستقر؟ كلما هربت أتيه منّي بداخلي.
ماذا عن تلك الأشباح الثائرة؟! أشباحُ أحلامي، أشباحُ كلماتي، أشباحُ وعودي وأشباحُ أمانيّ.
أراها تتجاذبني من أطرافي من خلف الأسوار. عجبًا وهل لمثلها خُلِقَت السجون؟! يا ويحي إنه أنا من صنعها.
وعندما اقتربت بدأت تتساقط! أنا أيضًا معها أتساقط.
لا تَهرُبي يا بُنَيَّتِي