لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين فيها معنيين:
الأول بمعنى أنه من الممكن أن نلدغ لدغة مؤلمة في حياتنا، ومن المفترض أنها تحدث فينا خبرة داخلية تراكمية على أن تٌنضج فينا جانب تأمين أنفسنا وتحصينها، التحصين هنا ليس بأن تترقب أفعال وتتحكم بأخلاق الناس اتجاهك وتحصن نفسك منها، لا وإنما أن تحصن نفسك بمعنى أن لا تتوقع الملائكية وإنما البشرية..
فلا تهدم نفسك جراء مواقف في الحياة..
“لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين”.. حديث نبوي شريف، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام الذي كان يُؤكِل أربع مئة من الخلق وينام وهو جائع هذا الكرم الذي يكفي العالمين.. كان يحذر الناس ويحترس منهم دون أن يطوي بِشره منهم.
الحكمة هنا ليس أن نحترس من الناس ونعتزلهم ونتدمر منهم وندخل في حالة من العزلة المرضية، وإنما أن نقتنع بفكرة وجوب التعايش مع هذه المواقف أو ربما أن نتغاضى قليلا، فنحن لسنا في هذا العالم لنتعايش مع توقعات الآخرين ولا يجب علينا نحن أيضا أن نعتقد بأن العالم سيتماشى مع توقعاتنا.
فحتى في أبسط حواراتنا نمتلك تلك الغريزة الشريرة لحبنا لأنفسنا، بتنا نستقبل ردود أفعال الناس بنوايا خبيثة وليس عن طيب خاطر هذا ما عسانا نُكلف به أنفسنا للبحث عن صراعات متوالية مع الناس ومن ثم يستفز بعضنا البعض للوقوع في صراع.
فمن المروءة التغافل عن عثرات الناس وإشعارهم أنك لا تعلم لأحد منهم عثرة.
سأحاول أن أتبع نهج إيجابي في إيصال منهجيتي في هذه الحكمة وتفسير بعض الأمور..
البطل هنا الذي سيريح أنفسنا من الحيرة وربما الضغينة هي الواقعية..
مثال هذه الواقعية: حسن الظن إذ لم يكن فيه واقعية ينقلب إلى سذاجة..
الواقعية التي أحدثكم عنها هي إماء النفس والعقل على أن هنالك مواقف في الحياة يجب أن تعطينا خبرة تراكمية لكي لا نقع في جحر مرتين وأن نحترس احتراس المؤمن، أي بمعنى أن نضبط مسألة حسن الظن بواقعية..
لنتعلم أن نتواصل مع دواخلنا وأن نعلم أن لكل شيء مبتغى ليس عن الخطأ أو عن صدف كالأحداث التي قدمت إلينا لنتعلم منها، وأن لا ننتظر حَليفا لنا في معركة الحياة، ولكن بمعنى أصح أن ننتظر العون والقوة نفسها.