فقدت أبي والفقد مؤلم، ودعته وفي عينيه دمعة الألم التي اجتاحت جسده لتذكره بالله وما رافقته من أوجاع وهلوسات تذكره بضعفه وهوانه أمام عظمة الله وبأنه الملجأ الوحيد والأوحد..
كان لي أبا رحيما وحبيبا وصديقا..
أنا في عزلة الآن يا أبي والعزلة الداخلية أقوى وأصلب من ذاك الذي يحشر نفسه في حجرة.. أنا أخالط العالم دون أن أخوض حوارا حقيقيا أو كاملا حتى!..
ألم تُعاهدني بأن تبقى معي طوال السنين، أيُعقل أن أفقد أبي وأنا في العشرين من عمري.. أيُعقل أن أنعت باليتيمة!
حبيبي أبي أفتقدك.. أعرف مصطلحات كثيرة لا أستشعر معناها إلا عندما أمسك بيديك كالأمان مثلا والوطن..
ليتك بمقدورك رؤية أمي وهي في حلتها البيضاء بيضاء البشرة وبيضاء الملبس يشع منها نورك.. حزينة عليك وبيض ملبسها خير دليل على هذا..
أستشعر لحد الآن آخر كلمة قالتها لك وأنت تلفظ آخر الأنفاس “أحبك”.. اختزلت بها عمرا طويلا أمضته معك يعز على المرء يا أبي أن يفقد الشغف شغفه للأشياء التي كان يدفع عمره ثمنا لأجلها هكذا هي أمي الآن بدون شغف..
أفتقدك بدون كتابة الكثير بدون أي نص عميق بدون كلمات أدبية مبتذلة.. أفتقدك فقط..
أعتذر على شحوبي وانطفائي يا أبي.. أعتدر على دموعي فأنا لا أستطيع أن أبقى مدهشةً وجميلة دائما..
لا شيء يدوم يا أبي هذا ما أخبرتني به الأيام والطقس وصوتك ووداعك وكل الأشياء..
فما عساي أفعل بدونك..
أبي تعال لنبدأ من جديد..
أعود أنا طفلة أطوق ذراعي حول عنقك وأثرثر..
أعدك أن لا أنسى شيئا..
ولن أكذب..
بكل ما أوتي الأنبياء من صدق؛ أحبك أبي..