يؤنبك ضميرك مئات المرات، ينهش مواجعك، تشعر به كوقع إبر التريكو وهي تنخر في عظامك وتسممها، تؤلمك الروح المتعبة التائهة التي لا تعرف ما الذي تريده من الحياة، وإنطفاءة اللمعة في عينيك تشي بانكساراتك، تود لو تخنق الصوت الذي بداخلك، كل كلمة تميتك، وموتك تكرر عدة مرات في حياتك، ترفع يديك داعيا لله، تشير إلى قلبك، فتخر باكيا، لا كلام يسعفك، لست حزينا أنت ضائع.
أعلم الآن فقط أن الصمت وقت وجب علينا الإفصاح كان جريمتنا.. لما بداخلنا صوت لا نقدر على إخراسه، لأحاسيسنا القدرة على عزل أجسادنا في حدودها، فنشعر بها سجنا يقيد حركاتنا، حيث لا نستطيع العودة إلى الوراء ولا المضي قدما. نتغير؛ فنتحرر من هذا السجن.
لم أطلب غير أحاسيس صادقة واهتمام مستمر، ولم أحصل في المقابل إلا على أشخاص تبين فيما بعد أنهم ضفادع مسحورة، تهمني البدايات كما النهايات، على كليهما أن يكون مبهرا.
تعلمك الحياة وتتقاضى بالمقابل أجرها ألما، تضربك مثل ضرب النحات لقطعة حجر لتصنع منك شيئا ذا ملامح بارزة، كلما كان الحجر صلبا كانت الضربات أقوى فأقوى، لا تكن صلبا وكن لينا، لتستطيع التغير في أسرع فرصة، إنها تكشف لك في كل مرة عن خطأ ما، تبرز لك سيئاتك، تصقلك لتصبح جيدا بما فيه الكفاية وقبل أن تقترب من صفات الكمال، تموت.
الكلمات لا تموت وإن متنا، أنا هنا وإن لم ترني، أنا هنا وإن تساقط الجلد مني، وبدأ اللحم يتآكل، باقية أنا وإن أصابتني حقيقة الموت. تقرأ فتبعث روحي من جديد إلى الحياة، ويتحول النص ليد تربت عليك، أو إسفنجة تمتص حزنك، تقرأ فتتقلص المسافة بيننا وأكون إلى جوارك، إن مجرد معرفة أن هناك من يشاركنا نفس الشعور ولو نصا، يجعلنا نحس بوحدة أقل، اقرأ وسنكون معا، ولو أبى ذلك جميعهم.
كل الذي أردت قوله ومنعك الخوف منه، سيظل على طرف لسانك إلى الأبد. كل ما فاتك يرفض أن يظل ورائك.. الفرص الضائعة لا تضيع فعلاً، لا شخص في هذا العالم يمكن أن يأخذ مكان شخص آخر.. فكر في نهايتك، تعلم جيدا أنك ستكون وحيدا، أقول هذا كي تتوقف عن التذمر من وحدتك وتبدأ بحبها.