لا أجيد العبث بخلخلة روحك، ولا أذكر أنني أمطرت مسامعك كلمات جميلة ولا كلفت نفسي تغليف الهدايا. ولما بدا لي منك أنك لا تنفك بِت أتمنى أن تكون لي عينين صارمتين باردتين، لا يطل منهما حزن قلبي، ولا يرف لهما رمش وأن لا يبان جسدي هزيلا، وأن لا تبدو عروق يدي بارزة، حتى يمكنني تخليصك من تعلقك، ولكن روحك تدمنها وتتصرف على سجيتك، وتظهر لي ضعفك مستأمنا على نفسك عندي، لم أكن يوما وطنا لك فما بالك تطلب اللجوء إلي، يتعبني أن أراك مهزوما أمامي، يتعبني جدا. وأنكمش في ركن ضيق كقط مرتعب، وأنا لست أدري أأطلب الغفران أم أطلب النجدة..
وأدركت أنني وحيدة، وأن يديك المرتعشة كلما همت بإخراجي من حزني الانفرادي هوت بي إلى القاع. وأن ما قلته يشبه كلمات أغنية ذات لحن جميل وصيت هائل لكنها غير حقيقة وليس لها أفعال في الواقع، إنك تجيد الخياطة جيدا وصياغة الكلمات على شكل جمل لذيذة لولا أنني أتبع الحمية للتهمتها كلها.
أنا أغرق، لا تمد يديك إلى قلبي لتنقذه، ستنقشع الظلمة من تلقاء نفسها، سأعود لأتنفس الفجر من جديد، وستنسرب روحي وحيدة تتراقص في تناسق مع بزوغ الضوء، امنحني فرصة أن أرمم نفسي بعد أن أصابها الشتات دون أدنى تدخل منك، لا تسألني وتنتظر ردا عندما ترى بعيني بريق دمع، لا تجبلني على الكذب ذاكرا ما لا أفكر فيه.. أخاف أن تطلع على ما بأعماقي وتعد انكساراتي، أن ترى قلبي وتبدو لك أطرافه مقضومة، لم نألف أن يكترثوا لحال أرواحنا، واعتدنا لفظ آلامنا نكاتا، وكنا نقسوا على أنفسنا بشدة مخافة أن لا نتحمل قسوتهم. أعلم الآن فقط أنه يجب علينا وجد السلام في وحدتنا، وأن الآخرين مجرد نجوم مضيئة في ظلمتنا سرعان ما ستنطفئ.
لا أحد هنا ليخفف عنا الألم، لا أحد هنا مرتع سلام لأجسادنا المرهقة، تعلم الصلابة وأنت هش، لا تحذق في العيون عميقا لأنها تطل على الحقيقة والظاهر؛ لكي لا تتورط بها أكثر. لا تحك لن يشعر أحد. وتذكر أن الجواب الوحيد المراد خلف سؤالهم عنك إن كنت بخير هو أن تقول أنك على ما يرام، حاول جيدا أن يكون جوابك مقتضبا وباردا، وتأنى فروحك جناح فراشة وحولك نار، إنني أجزم أن الهزائم والانكسارات تعلمنا التجاوز، وأن القوة اللازمة لذلك تبدلنا، وفي الوقت الذي لا نستطيع فيه التجاوز تكون نهايتنا قد أشرفت.