من قال أن زمن العبودية قد ولى وانتهى..؟!
من قال أن الإنسان حر نفسه؟!
من قال أن الجاهلية غادرتنا؟!
مازالت العبودية في هذا العصر تصول وتجول بيننا، ولكنها بطريقة حضارية ومقننة بمصطلح مسؤول.. وأي مسؤول!! أليست المسؤولية تكليف لا تشريف؟!
كل مسؤول عربي يعتبر نفسه مَلكاً في منصبه ومرؤوسيه هم عبيد له، فتجده يأمر هذا وذلك، لا بالأمر القانوني ولا حتى بالطريقة المهذبة.. وإنما السياسة الفرعونية واللهجة الملكية تطغى عليه في كل تصرفاته وأوامره مع موظفيه..
فقد أصبح الموظف العربي بمجرد توقيعه على عقود العمل بالقطاع الخاص يدرك مسبقا أنه وقع مرسوم التخلي عن حريته وكرامته مقابل ذلك الراتب الزهيد المهضوم، وكل هذا بكامل إرادته المسلوبة منه بحكم مسبق من ظروف معيشية قاهرة، كيف يرفض وتلك الشركة أو المؤسسة أعلنت عن مسابقة توظيف تقدم إليها المئات والآلاف من أجل ذلك المنصب أو المنصبين فقط..!!
وما زاد الطينة بلة هي تلك الحكومات التي أغلقت جميع الأبواب والمنافذ أمام ذلك الشاب الحالم وكسرت فيه شوكة الطموح، ولو وظف في أحد مؤسساتها يجد نفسه أمام مسؤول له يمتلك جميع الصلاحيات التي تسمح له بإذلاله أو حتى الفصل،.. فلا قوانين مكتوبة ومنصوصة أو روابط تحكم بينهم..
فلابد من إرضاء مسؤولك بطريقة أو بأخرى، ولا يهم إن كان عملك متقن أم لا، أو حتى إن تم إنجازه، المهم أن تبحث وتعرف ما يريده وما يحبه مسؤولك..فتصبح الموظفة جارية عنده والموظف خادم وكلاهما لا يرفض طلبا له، وإلا سخط عليهم وفتح أبواب جهنم في وجههم..
“متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا..؟!!”
ظواهر جاهلية لا تجدها إلا في البلدان العربية، فلو عارض أو خالف الموظف رؤساءه فمصيره الحتمي الفصل إن لم يتعدَ لما هو أكثر…
من أغرب الحوادث التي تم بثها على القنوات الفضائية الفرنسية ذلك الفلاح الفرنسي الذي يطلب من رئيس دولته التحدث إليه بإحترام، و لرئيس يتراجع في لهجته ويتدارك خطأه في الحديث، فتشعر بتلك الكرامة للفلاح وهي تُحترم من قبل رئيس الدولة؛ أتسائل: لو تغيرت فقط الأشخاص وحدث مثيل للحادثة في أي دولة عربية فأي حكم جاحف تم إصداره في حق الفلاح المسكين..؟!!!