كان لدي صديقة تسعى جاهدة للانتظام على صلاتها ودائما ما كنت أستشعر مدى غيرتها من صديقتها المنتظمة على فروضها، لم تكن تغار من صديقتها بل من مدى صدق صلة صديقتها بربها، فـ صديقتها كلما سمعت الآذان تركت ما بيدها وذهبت تصلي، مهما كان عندها دائما.. الله على قائمة أولوياتها.. بل أولى أولويتها.
ظلت تحاول تارة تنتظم يوم، وتارة أسبوع وتارة تسقط سهوا وتهجر شهرا، وكلما سمعت أحدهم يتسأل عبر البرامج كيف أنتظم على صلاتي؟ تنصت بانتباه للجواب.. لكنها لم تصل لجواب شافي، استمرت على محاولتها وكلما ذهبت للقائه أخذت ترجوه أن يرزقها الثبات ظلت هكذا سنوات، سنوات وهي تحاول مرات تيأس ويبدأ الشيطان بالعبث برأسها، ويخبرها بأن الله لا يحبها تبكي وتشعر بأن الباب مغلق أمامها بل كل الأبواب مغلقة.
في نهاية الأمر استجاب الله لمحاولتها ولدعائها ورزقها الثبات وأكثر مما كانت ترجو..
حينما سألتها عن جواب شافي للانتظام على الصلاة من خلال تجربتها، أخبرتني: كل شخص منا يملك هدف أو أهداف في الحياة، وربما يصرف عمره كله في المحاولة للوصول لهدفه.. أن جعلنا الصلاة هدف وصدقنا في المحاولة سنصل.. “ إن تَصْدُقِ الله يَصْدُقْك”..
لو صدقت العزم لوجدت السبيل
الله لا يريد منا شيء، سبحانه فقط يختبر صدق نوايانا، الأمر يتوقف على تعاملنا مع الصلاة، إن كنا نراها ركن أساسي وعماد الدين وجعلناها أولوية وصدقنا في حاجاتنا لها سيستجيب، أما تعاملنا مع الأمر أنه غير أساسي وشيء يمكننا التهاون فيه فـ نحن هنا بحاجة لمراجعة أصول الدين.
المهم أن نستمر في مجاهدة أنفسنا، متى ما يأسنا عقدنا العزم وجددنا النية واستكملنا الطريق، “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ”..
نحن دوما ما نلجأ ونلهج لله بالدعاء والصلاة، إن كنا ذوات حاجة، امتحان أو شفاء من مرض أو وفاة أحد، أو ضيق نمر به.. أو غير ذلك فـ لِما لا نفعل ذلك على الدوام؟! لِما نظن بأن حاجاتنا إلى الله مؤقتة؟!
شخص ما أخبرني بأن أول شيء نفكر به حين نستيقظ من النوم؛ هو غالبا الشيء الذى نعيش من أجله “الشيء المسيطر على حياتنا”.. فكرت بالأمر، فوجدت أن منا من يفكر أول شيء بما سيأكل، ومنا من يفكر بالعمل، ومنا من يفكر بدراسته وغير ذلك.. لكن من منا يفكر في صلاته حين يستيقظ، من منا يفكر في الله!
من منا يفتح عينيه أول ما يفتح على الله، من منا يغفو والله أمام عينه، من منا يعيش من أجل الله..
للعبد أمام ربه وقفتان الأولى في الصلاة، والثانية يوم القيامة وبقدر إحسانه للوقفة الأولى، تكون نجاته في الوقفة الثانية. ابن القيم