مغارة هرقل.. جرت رياح مضيق جبل طارق، وأمواج البوغاز، حيث يلتقي المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط، بما تشتهيه جغرافيا القارة الأفريقية، لتنحت قوى الطبيعة في مدينة طنجة المغربية، نافذة على أوروبا أخذت شكل القارة السمراء.
هذه النافذة، ليست سوى فوهة مغارة تقع بمدينة طنجة في أقصى الشمال الغربي للبلد الأفريقي الذي لا تفصله عن إسبانيا سوى 14 كيلومترا.
مغارة هرقل، هي أحد أهم المواقع التاريخية والطبيعية للمغرب الكبير، تنتمي إلى مجموعة مغارات منطقة “أشقار”، التي كانت مأهولة بالسكان قبل أكثر من 5000 سنة قبل الميلاد.
تم اكتشاف هذه مغارة هرقل سنة 1906م، وهي من أكبر مغارات أفريقيا حيث توجد فيها سراديب تمتد في باطن الأرض مسافة تصل إلى 30 مترا… كما تعد من بين أهم المغارات المغربية التي تحظى بمكانة هامة على الصعيدين الوطني والدولي.
يؤكد الباحثون على أن التكوين الجوفي لـ مغارة هرقل يعود إلى مئات ألاف السنين، أو أكثر فهي تعد ظاهرة طبيعة لا مثيل لها في المغرب العربي. كما وترسم جدران المغارة خريطة أشبه ماتكون بخريطة القارة الأفريقية.
- ضريح محمد الخامس.. تحفة معمارية فريدة في قلب العاصمة الرباط
- صومعة حسان أو منارة جامع حسان.. معلم تاريخي في قلب العاصمة المغربية الرباط
- مدرسة بن يوسف في مراكش.. تحفة فنية تعبر عن أصالة العمارة المغربية
- باب منصور لعلج (باب المنصور) في مكناس.. تحفة معمارية وأحد أضخم الأبواب وأجملها في العالم
- مدينة وليلي الأثرية بالمغرب.. اكتشف المدينة وشاهد أجمل الصور
لقي هذا المعلم التاريخي اهتماما كبيرا من طرف الحكومة المغربية خصوصا في بداية الألفية الجديدة وذلك من أجل تعزيز الإشعاع الثقافي والحضاري لمدينة طنجة الأثرية ذات الصيت العالمي، وتأهيل موروثها التاريخي المرموق وإعطائها شكلا هندسيا متناسقا مع قيمتها التاريخية.
يقصد هذه المغارة ألاف السياح والزوار من مختلف دول العالم سنويا، وتمثل هذه المغارة رمزا ثقافيا مهما للمدينة يؤكد على أهمية الحضارة التي عرفتها المنطقة خلال العصر الحجري الحديث.
لقد عرفت مغارة هرقل زيارات العديد من الشخصيات السياسية والفنية من مختلف بلدان العالم، أبرزهم رئيس الوزراء الإسباني السابق “خوصي رودريكث ثباتيرو”، ووزير خارجيته “ميغيل أنخيل موراتينوس”، وقبلهما زار المكان الكاتب الأمريكي الشهير “بول بولز”، الذي كان صديقا للكاتب المغربي العالمي “محمد شكري”.
ومن أبرز المسؤولين الذين يترددون على المكان أيضاً، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يختار باستمرار قضاء عطلته في قصره الذي لا يبعد سوى أقل من كيلومتر عن المغارة.
ويداوم العاهل السعودي على زيارة هذا المكان منذ أن كان وليا للعهد؛ حيث كان يسجل حضوره مرتين أو ثلاث مرات في السنة.
نُسج حول المغارة كثير من الأساطير، التي يعود معظمها إلى الثقافة الإغريقية، منها ما يقول إن هرقل كان سجينا في الكهف، فحاول ذات يوم الخروج منه، وضرب الحائط، فأحدث به ثقبا كبيرا أصبح يشبه إلى حد كبير خريطة أفريقيا، ومن أثر الضربة انفصلت القارتان الأفريقية والأوروبية.
أسطورة أخرى تتحدث عن أطلس ابن نبتون، الذي كانت له ثلاث بنات يعشن في بستان يطرح تفاحا ذهبيا، ويحرسهن وحش، قاتله هرقل وهزمه، لكن هرقل في ساعة غضب كبيرة ضرب الجبل، فانشق، لتختلط مياه المتوسط الزرقاء بمياه الأطلسي الخضراء، وتنفصل أوروبا عن إفريقيا.
ويعتقد حسب المؤرخون أن المغارة استغلت كمعمل لصناعة كتل من الأحجار من الفترة الرومانية حتى العصر الحديث والتي نقل غالبتها إلى مدينة ليكسوس بالعرائش، حيث كان سكان المغارة قديما يقومون باستخراجها من الحجر الكلسي.
تم تصنيف هذه المغارة التاريخية ضمن قائمة التراث الوطني منذ عهد الحماية الفرنسية، وهي تعد اليوم أحد أهم المغارات على الإطلاق في القارة الأفريقية وأحد أكثر المعالم جذبا للسياح في المغرب.
5 تعليقات