حينَ تجدُ الروحُ معانقةً للنغم، وتجدُ الهوى يتراقصُ من اللّحن الممزوجِ بصوتٍ رخاميّ، ولغةٍ متداولةٍ في الوسطِ الأمازيغيّ، تعرف أنّ الجنوب الشّرقيّ المغربيّ لم ينسَ أولاده، وجعلهم يتنافسُون حولَ العالمية، بفضلِ الأصوات الذهبية التي تتمتعُ بها الجهة، بالرغم من عدم تواجدِ المعاهد الموسيقيّة بالمنطقة ليتدربَّ عليها أبناؤنا، إلاّ أنها تمنحٌ القدسيّة، والحنجرة الفطرية دونَ آلاتٍ، ومؤثراتٍ موسيقيّة، لتحسينِ الجودة الموسيقية “للكليبات”.
خيرُ أنموذجٍ، الشّابُ العشرينيّ “عمران أزرور” المنحدرُ من منطقةِ ملعب، طالبٌ في تخصّص طبّ الأسنان بكلية ﺍﻟﻄﺐ “ﺑﻴﺎﺗﻴﻐﻮﺭﺳﻚ” بروسيا، قادهُ طموحُه لاعتناقِ الفنّ الأمازيغيّ المعروفِ “بأحيدوس”، ليبدعَ بقطعٍ موسيقيّة مخالجةٍ للرّوح.
هو الابن المدلّل لعائلته، كما يُقال دائمًا، آخر العنقودِ يكونُ بسيمةٍ، ورونقٍ يميّزهُ عن باقي إخوته، ولكنّ ذلك لا يمنعُ من مساندةِ الإخوة له بمشواره الفنيّ والمهنيّ، حيث يحملُ رايةَ الغيرة على الموطنِ واللغة الأمازيغية بالأخص، ومحاولةِ خلق جوٍّ يلائمُ الوسط الاجتماعيّ، وأيضًا يسعى لخلقِ جسر وصلٍ بين الجالية المغاربية الأمازيغية بوطنهم، وبلغتهم الأمّ التي طالما واجهتْ مجموعةً من التّحديات، وتعرّضت لجمودٍ بسببِ اختفاءِ الفخر بالانتماء، الذي يحاول عمران أن يعيدَ المشعل له، ويبرهن أنّ اللغة الأمازيغية أعرقُ اللّغات التي ينبغي أن تتحفَ الأذن والمهتمين، وأنَّ جمالَ اللغة لا يضاهى، فقد كانت البداية بأغنية “دويتو”، مع الشّاب الملقب بـ”تيتاو”، وسُميّت الأغنية “بإيسودا وايور”، التي تعني، “أضيءُ القمر”، ليحكي حكايةَ القمر المضيء، والنّجوم الخافتة بحضورِ سيّد الانوار وقد حقّقتْ نجاحًا كبيرًا، حيثُ أبرزتْ عمران للسّاحة الفنيّة، حيثُ بعدها أعادَ غناء بعضِ أغاني أبناء المنطقة المشهورة، وأيضًا له أغانٍّ خاصةٍ به، تعبّر عن شخصيةِ الشّاب الموهوب الوسيم، الذي سُرعان ما اكتسح “السوشال ميديا بوسامته، وحضوره، والكاريزما اللافتة التي يتمتّع بها، كما يسعى عمران لدمجِ الثقافة الأمازيغية بالثقافة الروسية، وذلك من خلال تعريف “أحيدوس” في المحافل الدولية بين أقرانه في الكلية، وكأنه المتنفس لشمّ عبير الجذور، وأيضا لطمأنة القلوب التائهة في دروبِ الغربة، فالأغنية الأمازيغية تبدو كروحِ أمك، حين تكون في ديارٍ غريبة، وكريح عطرةٍ حاملة لعطر الزيتون وتراب الوطن.
لعمران رسالة بأغانيه، وهي مواساةُ أسرى الحب، وأيضا احتضانُ الأرواح التائهة في شظايا الحرمان والمغتربين، فسرعانَ ماتنهمر دموعك حين تسمعُ كلماتٍ ملامسةٍ لحالك، وواقعك، وكأنّه يقولُ لك: أنا بجانبكَ مهما فعلَ بك العالم، أنا سندكَ حين تفقد الملجأ.
مواهب منسيّة رغم نُبل المحتوى وجماليته، عملٌ متواصل لأجل مزجِ الطموح بالموهبة، ولغاية خلقِ طريق للسّفر لناصية الحلم وهو إيصال الفنّ الأمازيغيّ للعالمية.
هامش: عمران أزرور، أنموذج الشّاب الجنوب الشّرقي، الذي طمح وعمل واجتهد، يروي قصة عشقٍ للّغة الأم، وأن دروب المستحيل لا يعرف له طريقًا، كطاقة شابة تحمل في طيّاتها رسائل بغدٍ أفضل، وأيضا تشجع الشباب باختيار الأنسب لعيشِ حياةٍ أجمل، وأيضا لكلّ من له موهبة أن يطورها دون نسيان الأصل، فدائما: “أمازيغيّ وأفتخر”.