وبينما كنت أتصفح الموقع الاجتماعي “فايسبوك”، لفت انتباهي برنامج إذاعي يتحدث عن المكياج والجمال. في أول الأمر لم أعره اهتماما ظننته يدور حول جمال المرأة ومكياجها المؤلوف في المجتمع. لكن الأمر هذه المرة كان متعلق بمكياج الرجال!
من البدبهي أن الله خلق الجمال في كل أصناف المخلوقات، لكن الاهتمام بالجمال لا يسود إلا عند المرأة كما ألفناه، وكما ارتدت العادة ذلك، فالمرأة عُرفت بجمالها الجذاب ورونقها الخاص منذ القدم، لذلك تسعى دائما للظهور بمنظر أنيق وتُخضع بشرتها للعناية باستمرار باستعمال أدوات التجميل المختلفة كَما وكيفا!
هل يمكن اقتصار العناية بالجمال عند المرأة فقط؟ لماذا أصبح الرجال مهوسين بالجمال؟ وما حكم الإسلام من استخدام الرجل للمكياج؟
وضعت مقدمة روبرطاج لمعاينة آراء الناس حول هذا المفهوم الجديد “المكياج عند الرجال” وكانت الآراء متباينة ومختلفة باختلاف شخصية الفرد ونمط تفكيره.
البعض أشاد أن الرجل يظل برجولته كيفما كانت صورته وخلقته وأن لجوءه إلى الصالونات ما هو إلا فقد لجسارته وهيبته وأن ليونة أو نعومة البشرة وما إلى ذلك! لا تليق إلا بالنساء، وأن انكبابه للصالونات إلا لتغطية عيب أو تشويه يحوم حول وجهه!
وآراء أخرى ترى أنه كما على المرأة الاعتناء ببشرتها فكذلك الرجل له الحق والحرية المطلقة في ذلك!
من يدري فقد نصبح أمة متشابهة الملامح ذات يوم، ومن يدري قد يزاحم صالون الرجال، صالون النساء في القادم من الأيام!
وقد اختلفت الأوساط الفقهية في هذا الموضوع ويمكن حصر هذا الاختلاف فيما يلي:
– فئة ترى أن خضوع الرجل لاستخدام أدوات التجميل ما هو إلا تقليد وفتنة، فلا يجوز للرجل استخدامه أو التزين بشيء من زينة النساء الخاصة، لما فيه من التّشبه المحرم شرعا وعلى أنه مذموم. فقد روى البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتَّشبهين من الرِجال بالنساء والمتَّشبهات من النساء بالرجال”. وفي حديث آخر: “لعن الرسّول (ص) الرجل يلبس لِبسة المرأة والمرأة تَلبس لبسة الرجل، ومن وقع في ذلك فيلزمه التوبة إلى الله والعدول عن ذلك!”.
– فئة أخرى تؤكد أن للرجل الحق في استخدام أدوات التجميل أو المكياج عند الضرورة من غير تمييع أو تشبه بالنساء، بل لإخفاء ما فيه من عيب أو بثور وهدوب، أو ليجمل لامرأته لتزداد به شغفا وحبا فإنه لا حرج فيه، مستشهدين بحديث عباس رضي الله عنه يقول: “إِني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة”.
وللعودة إلى المجتمع، فقد اجتاز الرجل فكرة استخدام المكياج لتغطية عيبوبه، إلى الهوس به والرغبة الشديدة في التشبه بالمرأة، لا أعمم ذلك، لأن التعميم خطأ ولكن هذه الفئة قد تتضاعف وقد يزداد انكباب الرجل على الصالونات أكثر من انكبابه على المقاهي لمشاهدة مباراة كرة قدم، وقد يصبح جدال الرجل بين أقرانه حول الجمال واللباس أكثر من أي شيء آخر، ولا ننكر أن هذه العادة في تزايد مخيف، فالمجتمع يعرف تطورا سريعا، ورغبات الإنسان تختلف بظهور منتوجات أو معدات جديدة.
من يدري فقد نصبح أمة متشابهة الملامح ذات يوم، ومن يدري قد يزاحم صالون الرجال، صالون النساء في القادم من الأيام!
كاتبة التدوينة: هدى القطار