تتكون الصداقات بين الناس بطرق مختلفة وتتعدد أنواعها، فهناك أصدقاء المدرسة أو الحي أو العمل، وأصدقاء المواقف أو الاهتمامات المشتركة، وهنالك أيضاً نوع خاص من الصداقات النسائية التي تشكّلها المآسي المشتركة، والتي ينظر إليها الرجال ببراءة، بينما تتواطأ النساء فيما بينهن لتشكيل حلقات شكوى من أزواجهن ونميمة عليهم.
تلك الصداقات التي تنشأ بين الجارات اللواتي يعشن حيوات زوجية متشابهة، والتي تُعقد غالباً حول طاولات المطابخ، لا تقلّ أهمية عن الجلسات التي يعقدها وزراء أية دولة حول أفخر الطاولات في العالم.
تحاول النساء خلال هذه الجلسات اليومية تعويض حاجتهن إلى الكلام، تلك الحاجة التي لا يمكنهن إشباعها في بيوتهن التي يلفها الصمت وقلة الكلام، فأغلب الأزواج يجدون صعوبة بالغة بالخوض في حوار ممتع أو نقاش مجدٍ مع زوجاتهم، ولا ينتبهون إلى أن مفتاح قلب المرأة الكلام.
لا أذكر تماماً من القائل (يجهد الرجل نفسه في البحث عن الجي سبوت في جسد المرأة، وينسى أنها في أذنها)، لا سيما عندما يتعلق الأمر بما يتعدى الأشياء اليومية والأحداث العادية ويتجاوزها إلى الحاجات النفسية، كالقلق الذي يساورها حيال جسدها أو أحلامها أو الأسئلة التي تلح عليها، بل يكتفون بإملاء الأوامر أو الاقتصار على الكلمات الضرورية لتسيير أمور البيت، ثمّ يصمتون ويأخذون وضعية أبي الهول.
أما النساء فقد تعودن على هذه الحالة فاكتفين بالانخراط فيها من دون محاولة منهن لكسر هذا الصمت، رغم أنهن قد سبق ورُدّدت على مسامعهن التعاليم السحرية لضمان حياة زوجية سعيدة، والتي تنقلها الأمهات لبناتهن بعد أن فشلن هن أنفسهن في تنفيذها: الرجل رأس البيت، أما المرأة فهي الرقبة التي تحرك هذا الرأس.
وغالباً ما يجدن أنفسهن بعد مرور فترة على الزواج رقبات هزيلة لا يمكنهن تحريك الرأس كما يشتهين. وفي الحقيقة فإن هذا النوع من العلاقات الزوجية هو السائد عموماً في العائلات التي تكونت نتيجة زواج تقليدي، أو التي فشل فيها الزوجان في أول اتصال جسدي بينهما.
لأن الجنس من التابوهات التي تُمنع مناقشتها في مجتمعاتنا إلا خلف الأبواب المغلقة والمتاريس، تعاني العديد من النساء وحيدات قبل أن يمتلكن الشجاعة اللازمة للبوح بمآسيهن الجنسية مع أزواجهن
طلبت من ثلاث نسوة تزوجن بطريقة تقليدية، ومررن بتجارب مختلفة، أن يعتبرنني إحدى جاراتهن اللواتي شاركنهن أحاديث طاولة المطبخ الطويلة، وأن يحكين لي عن علاقاتهن الجنسية مع أزواجهن، وبعد أن أكدت لهن أن أسماءهن لن تُكتب، وافقن أن يروين لي جانباً منها.
تقول إحداهن:
تعرفت على زوجي يوم وضع محبس الخطوبة في يدي، كانت أمي وأمه صديقتين منذ الطفولة لكنني لم أكن قد رأيته يوماً، تمّ كلّ شيء بهدوء مبالغ فيه، طلبني أبوه فوافق أبي وأنا لم أعترض، وبعد أشهر قليلة انتقلت إلى منزلي الجديد.
مضت الليلة الأولى بصمت، كنت محرجة وخائفة أرتجف بصمت، ولا أفهم شيئا مما يحدث لي، فهذه المرة الأولى التي أكون فيها عارية أمام رجل، لم أعرف كيف بدأ الأمر ولا كيف انتهى، ولم أشعر سوى بألم حاد بين فخذي، وإحساس بالغثيان ورغبة بالتقيؤ، فأنفاسه الحارة كانت تلفح وجهي، وتدخل منخاري رائحة فمه الكريهة، وهو يئن فوقي بكل ثقله إلى أن يغفو، فأزيحه عني بشق النفس بينما أكاد اختنق من رائحته العفنة.
ولم يكن ما آذاني الثقل الجسدي بقدر أذيتي من الثقل النفسي الذي رافقني طيلة المرات التي عراني فيها من دون أن يسأل عن رغبتي بذلك ومن دون أن يحاول أن يستلطفني بكلمات الغزل أو الحب، بل يكتفي بقبلة سريعة يحشر فيها لسانه اللزج المغطى بطبقة تشبه الطحالب البحرية داخل فمي..
لتبدأ معدتي بالتخبط، ثم فيما بعد صار يستغني حتى عن قبلاته المقززة، فكان أحيانا يدخل علي في المطبخ ومن دون أن ألتفت أعرف الأمر الذي جاء من أجله، فصوت نفسه عندما يكون مثار جنسياً يصير أقرب إلى الخوار، يقف خلفي يرفع قميصي وينزل سروالي إلى الركبتين، يثني جزعي على الطاولة ويبدأ بالأنين، وكنت أقول في نفسي اصبري يا امرأة قليلاً بعد، كاد الأمر ينتهي، وعندما يفرغ رغبته فيّ يستدير ويغادر من دون أن ينبس بكلمة، ألملم نفسي وثيابي وأمسح دموعي وأعود بصمت إلى طبختي.
بينما أجابت سيدة أخرى:
شاءت الصدفة رغم كل الاحتياطات التي اتبعتها من ليمون حامض إلى خلطات طبيعية تؤخر عملية الطمث أن تأتيني الدورة الشهرية ليلة دخلتي، وبالتحديد بعد أن صرت عارية في السرير، قام زوجي ليخفض إضاءة الغرفة قبل أن يلمسني، لحظتها شعرت بألم حاد في بطني وبسائل لزج ودافئ يسيل على فخذي من الداخل، مددت يدي أتحسس الرطوبة على فخذي ورفعت أصابعي أمام وجهي لأتمكن من الرؤية في ظل الإنارة الضعيفة في الغرفة، وعندما رأى زوجي السائل الأحمر على أصابعي بصق على السرير وصفعني على وجهي، وقال لي بالحرف الواحد: يا عاهرة هلأ وقت نجاستك وقرفك، تفي عليكن جنس نجس، قومي من وجي، تفي.
نمت ليلتي الأولى على الأريكة في الصالون، متكورة على نفسي، غارقة في دم حيضي ودموعي، وددت أن أعود إلى منزل أهلي، أن أبكي بين ذراعي أمي، أن أقول لها: أنقذيني من هذا الوحش الذي ضربني قبل أن تمضي علي ساعة واحدة في بيته، لكنني تذكرت أنها حين ودعتني قالت لي: طلعتي من هالبيت عروس، ما بترجعيله إلا زيارة.
أما السيدة الثالثة فأجابت:
تزوجت من ضابط متقاعد، وكان صديق أخي الكبير وزميله في السلك، يبدو رجلاً جميلاً قوياً، جسده مكتنز وعضلات ذراعيه وصدره مشدودة..
في الليلة الأولى قال لي لا بد أنك متعبة من العرس نامي واستريحي اليوم، فقلت في نفسي كم أنا محظوظة يا له من رجل شهم، ونمت وأنا أحلم بروعة أيامي القادمة.
لكن أحلامي هذه تحولت إلى كوابيس حقيقية عندما صحيت من النوم وكان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بساعتين، سمعت صوت تمتمة خفيفة، مشيت حافية باتجاه مصدر الصوت، فرأيت زوجي في وضعية غير مريحة، ويتكلم بالهاتف مع أحدهم..
تراجعت عدة خطوات وحاولت أن أصدر ضجة وأنا أقترب كي لا أضطر للمواجهة بشيء لم أكن أكيدة منه بعد، ولما شعر بحركتي عدّل جلسته لكنه لم يغلق السماعة، ابتسم لي وأنهى مكالمته بشكل طبيعي، قال لي إنه كان يكلم صديقه عامر وأنه يرسل لي تحياته.
- المرأة العجوز قصة قصيرة مترجمة للروائي همايون أحمد
- 3 نساء ووحش
- أم وطفل قعيد.. وجملتان فقط
- قائمة الانتظار.. أعقد قائمة في الحياة
- العائد من الصراط!
لم أستطع أن أجزم إذا كان ما رأيته جزء من الحلم أم أنه واقع، ودخلت في دوامة من الشك لا تنتهي، ومما عزز شكوكي أكثر أنه مضى أسبوع على زواجنا ولم يقترب مني أبداً، باستثناء قبلة الصباح التي كان يطبعها على خدي.
إلى أن حدث ما قطع شكي باليقين، وما زلزل عالمي وأصابني بصدع نفسي دخلت على أثره في حالة انهيار عصبي، كنت قد أخبرته أنني سأذهب لزيارة أهلي وتناول الغداء معهم، لكنني عدت قبل موعد الغداء حيث قررت أن أفاجئه وأطبخ له أكلته المفضلة.
دخلت البيت فسمعت أصوات غريبةً، اقتربت من غرفة النوم لأجده مع صديقه عامر أحدهما فوق الآخر، لقد كان زوجي ميال للرجال ولا يتقبل أن يقيم علاقة جنسية مع امرأة، لكنه تزوج ليخفي هذا عن عيون الناس في مجتمع لا يتقبل الاختلاف.