بوح في يوم عيدك.. اعترافات لأمي

كما هي عادتي، كلما تضاربت الأحاسيس بداخلي، وتزاحمت أفكاري، وأثـقـلت كاهـلي، أركض لأُفَرِّغَ حمولتي على المساحات البيضاء الشاسعة، التي لا ألمح حدودها كأحلامي المترامية الأطراف.

لكن هذه المرة الأمر مختلف، كلما تسابقـت العبارات لتحطَّ رِحالها على الورق، أحاول كبح جماحها…

ماذا عساني أقول وقد سـبقني السلف من رواد الأدب والشعر بـالحديث عما جال بخاطرهم عن أمهاتنا..

فوصلوا إلى أعلى درجة الرقي بـحرفهم الزاكي، وبَوحهم الشافي..

جُـلت بخاطـري هـنا وهناك فلم يبقى لي سوى اعترافات أبوح بها، لمن جعل الله الجنة تحـت قـدميها..

اعـــترافـات لأمـي

بعد تسعة أشهر انبتل حبلنا السـري..

أصرخ صرخة الحياة.. ليغدو بعدها رباطنا روحي..

فأصبحتِ في غمرة الـمتناقضات أنت الـنظير

وفي ظل المتغيرات.. أنت يا أمي الـثابت الوحيد

في زمن الخيبات.. تعيديـن لي أملي

وعند الانكسارات.. تجـبرين خاطري

في العراء لم أجد غير حضنك ملجئي

وبرغم قساوة ركبتك لم أجد غيرها مسندي

بتربيته من يديك على كتفي أستعيد همتي

تـــغتالين يأسي.. لتنقذي أحلامي

تبعثرين الأيام الدواهي.. وتلملمين شتاتي

في خضم أليمِّ وتلاعب الأمواج.. أنت مرفئي

بــغيابك أفـقـد الأمـان

تختل بوصلتي لأتيه في دروب الزمان

حلقة الوصل عند انجزاعي

وعالمي الداخلي عند انجذاذي

يجفل قلبك بغيابي

ويجفل قلبي بشهاب نظرتك التي تغوص بأعماقي

ورغماً عن صـمتي.. تــكشفين أسـراري

منك أنت يا عشقي الأزلي

انتشي بابتسامة تغمر فؤادي

وضحكة تجتاح كياني

فيعلو شهيقي الروحي

وبزفرة الفظ أنَّاتي وآهاتي..

أقول يا أمي: ما اكتفيت منك وما سأكتفي

وما الحديث عنك سينقضي

وما الكلمات والعبارات لحقك  تستوفي

فما بعد رضى الله.. إلا رضاك ابتغي

كاتبة التدوينة: كوثر ابن عبد الوهاب

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

Exit mobile version