تعتبر الحرية من أعظم القيم الإنسانية التي كافحت من أجلها البشرية منذ القدم، سواء كانت الحرية الفردية أو الجماعية ليتوجه أندريه موروا للقول بأن «الحرية والمسؤولية توأمان لو انفصل أحدهما عن الآخر ماتا معاً» فهما مفهومان متلاصقان لتحقيق التوازن.
فكل شخص حر صحيح وأيضاً مسؤول عن اختياراته، فالدعوة للحرية ليس معناها دعوة للإفلات والفوضى والهمجية، الحرية قيمة عظيمة ولكن القاعدة أنك حر ما لم تضر، كما نصت المادة الرابعة من الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 بصريح العبارة..
أي أنك حر في ممارسة ما تشاء وقت ما تشاء بدون قيود، وتلك القاعدة ليست كافية لكونها تنفي دور القانون المنظم للحريات العامة للفرد داخل المجتمع، حيث إن الحريات بدون قانون قد تعني غابة من الوحشية والفوضى التي ستؤول بالبلاد نحو الدمار والانحطاط..
ونرى أن المشرع هو من له الحق في تضييق أو توسيع دائرة الاختيارات ويكون الشخص هو مشرع لنفسه مما قد يعني إلزام النفس على اختيار ما فيه الخير واستبعاد الشر.
فحين يؤمن الفرد بحقه الطبيعي في الحرية فهذا أكبر سلاح لانتزاعها، وذلك بواسطة النضال لبلوغ مستوى مرموق داخل المجتمع والتمتع بسائر الخيرات التي تأتي بها.
وعلى غرار ذلك، هناك عبيد لحريتهم أي ليس هناك أحرار بشكل مطلق، بل يظلون راضخين للمجتمع أو للقانون الذي يفرض القيود المتحكمة في الممارسة المشكلة لمعيار قياس الحرية داخل أي مجتمع مع اختلاف النظم حيث قيل أُنظر للقيود إن كنت دارساً وانظر للممارسة إن كنت مستطلعاً..
فكم من جرائم ترتكب باسم الحرية وباسم الهدف النبيل المتمثل في إنقاذ البشرية من الاضمحلال والدناءة التي يمكن أن تشكل للفرد هاوية للسقوط في قاع من المغريات التي تتيحها الحياة والتي من السهل الانصياع لها بكل سهولة لكون النفس أحياناً تكون جائعة وقابلة للإغواء.. وأي إغراء ولو كان بسيطا يستهويها، وذلك لسد النقص والعجز المفروض من قبل البيئة المحيطة، فالإنسان يظل مخيراً في الأمور التي يستطيعها، ومسيراً في أمور غير قادر عليها.