عرف عن أصحاب الفكر الاشتراكي مواقفهم المبدئية في مختلف أنحاء العالم خاصة عندما يكونوا في صفوف المعارضة، وسار اليسار المغربي على هذا النهج خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وقف إلى جانب المقهورين وناضل من أجل مختلف الحريات والحقوق، وتعرض العديد منهم للقمع والسجن والتعذيب، ولكن مباشرة بعد إشراكهم في الحكم سنة 1998 فيما سمي بحكومة التنواب، تخلت النخبة الاشتراكية عن مبادئها وأصبحت من أبرز “الملهوطين” و”الملهوفين” على التعويضات الخيالية بالمناصب العمومية، وتتوسط للمعارف والأقرباء في شغل المناصب السامية بالدولة.
أما الاشتراكية الشعبية فقد انجرف أصحابها نحو الهاوية، ولم نعد نسمع صوتهم إلا في النضال مع “صاحبات الصاية”، أو مع حركة “ما صايمينش”، أو النضال مع المثليين للحصول على حقهم في الزواج وممارسة علاقاتهم بالأماكن العمومية، واتهام كل من خالفهم بالتطرف والغلو والدعشنة، وآخرها الهجوم الشرس الذي كان على الأستاذة التي سمحت لتلامذتها بأداء الصلاة في وقتها بعدما علمتهم طريقة أدائها حسب ما هو موجود في البرنامج المدرسي، ونشرت ذلك في مجموعة مغلقة خاصة بأساتذة المغرب، تحت عناوين “المدرسة العمومية أصبحت أوكارا لإنتاج الدواعش”…
“أستاذة تغرس قيم التطرف في أبناء المغاربة”، وقد حاول البعض منهم تبرير هذا الهجوم بهدر الزمن المدرسي في الصلاة، ورغم أن آلاف الأساتذة يكتبون في هذه المجموعة يوميا على المئات من المشاكل التي تعاني منها المدرسة العمومية المغربية، لم نجد لها يوما أثرا في تلك المواقع الصفراء، ولم نجدهم يوما يراسلون السيد وزير التربية الوطنية لحل تلك المشاكل كما فعلوا عندما طلبوه باتخاذ العقوبات الضرورية في حق الأستاذة المعنية، كما أننا لم نسمع لهم يوما صوتا يدعو إلى الاحتجاج على تدهور أوضاع المدرسة العمومية، ولا صوتا يطالب بتحسين أوضاع عيش ملايين المغاربة بالجبال والقرى المنسية.
وبالرغم من هذا مايزال هناك بعض الاشتراكيين المبدئيين الذين يركزون على الهموم الفعلية للشعب المغربي وليس القضايا الشاذة في المجتمع.