لقد سئم العرب أينما كانوا من ممارسات الحكام العرب غير المسؤولة، تلك التي تحوّلت من العبث بمقدرات الأمة العربية إلى العبث بثوابت الأمة وقضاياها المركزية، هذه التصرفات جعلت العربيّ أينما كان وكيفما كانت جنسيته ولونه وحتى مكانته الاجتماعية، ينتفض ضد هذه التصرفات التي لا تتعدى كونها صبيانية رعناء.
منذ مدة تزيد عن ثمانية أشهر اكتشفتُ وجه جديدا على الساحة الإعلامية، هذا الاكتشاف ليس له علاقة بما اكتشفتُه، لأنني قد تعرفتُ على وجه إعلامي برتبة صحفي قدير كان موجودا بين الأسطر العربية منذ زمن بعيد، يعتبر من مؤسسي الصحافة العربية في بداياتها العتيقة، كما أنه مؤلف كتب بطريقة ساخرة للغاية، وصوت حر لا يعبر سوى عما يجول في فؤاد آخر فلاح مصريّ على ضفاف نهر النيل، أو ما يدور في فؤاد أعرق سودانيّ في عمق الصحراء الكبرى، أو حتى في خاطر أعتى الجزائريين على جبال الأوراس، باختصار: هو لسان البسطاء في هذا العالم العربي الشاسع.
أسامة فوزي، هو اسم يختصر مسيرة العربي بين المشروع القومي الغريق، والمشروع الإسلامـي الزنديق، على منطقة عانت من الاستعماريْن: الغربي واللقطاء من العرب فصارت مخترقة بالكامل، بل إنها قد ضيّعت حتى ما كان في الأمس القريب فخرا لها، لهذا عزم السيّد. أبو نضال، هو وبعض زملائه، تحت عنوان لجمعية تسمى: لا أهلا ولا سهلا، الاستعداد لإعادة الشعوب العربية للبوصلة الصحيحة، ألا وهي فلسطين، عبر التذكير بها في المحافل الأميركية تمهيدا لفعل ذلك في المحافل الدولية.
1. البداية على اليوتيوب لرجل في مواجهة امبراطوريات الإعلام العربي المعاصر
عجوز يعتلي المنبر الشبابي على وسائل التواصل الاجتماعي ببرنيطته “قبعته” الايطالية ونظارته السوداء وعصاه العربية الجميلة، ببذلة أنيقة ولسان عربيّ فصيح وسليط، محاولا تحليل الواقع العربي التاريخي بالشواهد والوقائع والبراهين وحتى الحجج، لفت انتباهي ككثير من شباب جيلي، وجعلني مدمنا على حلقاته التي تجاوز عددها العشرات، ما بين ابداء الرأي في السياسات العربية والعالمية الملتوية، والوقوف على دقائق الأمور جذبني السيّد. أبو نضال إلى معترك طقعان والريتويت وحتى الدب الداشر… وفعلا هكذا أمور تحتاج إلى “شفطة”.
أجمل ما في هذه المقاطع المصورة لهذا العجوز “الختيار” الذي يتكلم في الحب وأحوال المجتمع العربي، يتذكر أيام زمانه ويقارنه بأحوال العصر المعاصر، هي تلك اللحظات التي كان يشير فيها إلى الكتب التي كان يحضرها له إما أبو عماد أو كارلس، وبالفعل هذه اللحظات القصيرة، عرفتني على رجل مثقف للغاية، مولع بكل ما يُكتَب سواء باللسان العربي أو الانجليزي (كم أتمنى مشاهدة حلقة مصورة لأبو نضال يتحدث فيها بالإنجليزي كما حدثنا بالعربي من بداية الحلقة إلى نهايتها، لعل هذا العجوز يفاجئني أكثر “مجرد خاطرة”).
2. السيّد. أبو نضال على خطى جورج واشنطن
لم يكتفي هذا العجوز بما قدمه ويقدمه على شاشة اليوتيوب بل تجاوز هذا بكثير حينما وضع حجر الأساس لجمعيته على الطريقة الأميركية، بل وزاد إعجابي بأبو برنيطة عندما أعلن بأنه سيسلم مشعل قيادة هذه المؤسسة التي تعبر على رفض الزبالات العربية وتباشر في تنظيفها إلى شباب حيوي يحتضن القضايا العربية الصادقة.
لم تتوقف مفاجآت هذا العجوز، فراح يقصف قيادات عربية معروفة ببطشها بأبناء جلدتهم، مسكتين أصوات المعارضة، ومتجبرين على كل من يحاول القاء كلمة “لا” في وجوههم، فهم يعتبرون أنفسهم آلهة على أقوامهم، بينما هم لا يتجاوزون كونهم ماسحي أحذية “صرامي” عندما يتوجهون نحو قِبلة أسيادهم في الغرب.
لقد دعا الرجل الختيار إلى مظاهرة لعرب أميركا في ساحة بواشنطن، وقبالة البيت الأبيض للتنديد بحرب اليمن، وجرائم طقعان وعصابته في حق الناس وأبناء عائلاتهم أيضا، ومن أجل شرح الوضع للشعب الأميركي بعيدا عن كل التلفيقات التي تذاع هنا وهناك لتكون بمثابة الشجرة التي تخفي غابات أفعالهم الشنيعة، ولم يتوقف عند هذا الحد، بل أعلن عن مبادرات لمظاهرات أخرى ستنظم في عدة ولايات أميركية من أجل الغرض ذاته.
********
أتمنى لعرب أميركا التوفيق في مهمتهم المقدسة هذه، والمتمثلة في إماطة الضباب على الوضع العربي المتعفن، وكما كانت أميركا حتى وقت قريب منبعا للحرية والعدالة والسعي وراء السعادة كما ينص عليه الدستور الأميركي، وأرض الحلم الأميركي، فهي أنسب مكان على حسب اعتقادي لانطلاق جيل عربي جديد، بأدوات جديدة، من أجل الذود على قضاياه العتيقة التي عمل صرامي العرب على طمسها بكافة الوسائل…
بالتوفيق أخ أسامة
أخوك مزوار محمد سعيد من الجزائر.