ولا زلت أكتب عنها وحبر الهوى لم يفتر، ونسيم الذكريات يفوح من كل بيت ولحن أردده، منذ غابت عني وتركت كل تلك المعاني معششة في فؤادي، حتى نسجت عليها عنكبوت الحزن سياجها، وسقاها نبضي دمعا ودما من شظايا حبها، الذي لا زال يرسم لي في الوجود خيالا شاسعا، وفضاء واسعا أتنفس واستنشق من رحيقه نسيم العشق والهوى الذي سيظل خالدا، وساجدا أمام تمثال حبنا..
كل تلك اللحظات التي مضت، وكل تلك العبارات، لم يكن مجرد كلام يحلق في الهواء، ولكنه شعور صادق، نابع من عمق الأحاسيس، التي انتفظت من أول نظرة، من أول ابتسامة، من أول إشارة كانت هي البداية نحو مصير مجهول، وكل تلك المواعيد التي كادت أن تكون أحلى وأجمل، لولا الفراق المر، ولو أن الواقع والقدر يعرف قيمة العشق، لما شاء أن نفترق…
لو تعلمين كم من الدموع ذرفت في أول قصيدة كتبتها، وليتك تعلمين كم من المشاعر تفيض فوق القصيدة التي أكتبها الآن، بين الكتابة والبكاء، وبين المراسلة والحزن، علاقة لا أستطيع أن أجسها في حبر جاف، فحبك أبدا لم يكن مجرد موسيقى أو شعر أو لحن، إنه الشاعر والعازف، إنه الدمع والذارف، إنه الإيمان الصادق، والروح المحلقة فوق سحائب المادة والوجود، إنه لحن يعشق الخلود، إنه النبع الذي يغرقنا ويسقينا، والسيف الذي يذبحنا ويحمينا، إنها النار التي تحرقنا وتشفينا..
إنه أنا وأنت وكل جزء فينا، كل حقولي صارة صحراء قاحلة بدون ربيعك الدافئ، وزهورك المشرقة، كل عباراتي صارت شديدة محرقة، أطعن في الوجود، في كل موجود، وأرفع الحرب أمام كل من كان سببا في بيننا، فيا زماني إني يئست وحزنت كثيرا، فأشفق علي وعد بي إلى أحضانها، أو نادِ على الجلاد ليأخذ هذه الروح إلى الجنة، هناك حيث سنلتقي، وسنعيش إلى الأبد..