في ليلة باردة مقرورة تسودها سكينة شعواء غشاها غيهب حالك حيث الناس جثمان هاجع، وُلِد وَلدٌ رجيم من شمطاء حقود ما أرضعته غير الحزازة والنكاية، وشيطان كائد رباه على السفك والإراقة. ظلت الأم والأب في الخفاء فخرج الرجيم للعلن مع بزوغ الفجر مسلحا بحليب أسود وتربية حمراء فما لبث أن استعرض قوته على من هم غرماء والديه، نثر السواد والحمرة على البياض فأفقده جماليته وطهارته، استيقظ الناس للأمر فتسلل الرعب والهلع لقلوبهم فشوش ثباتهم.
من يكون الرجيم! ولِمَ هو يحاربنا!
الشمطاء والشيطان يدركون أن الناس تساءلوا عنه وكثرة الأسئلة تدفع بهم نحو الشك ثم البحث عن هوية الرجيم هذا وسبب سخطه، فتداركوا الأمر بحل هو أنسب لمصلحتين هما إبعاد الشكوك عن هويتهم وابنهم الملعون وإصابة غريمهم الأكبر.
أخذ الرجيم اسما جديدا هو التنظيم الإسلامي بل اتزر ثوبا أبيضا يحجب به يديه المتسختين، وجد الرجيم لنفسه مسلكا آمنا لاغتيال الناس وإباحة ما هو محظور تحت مسمى الإسلام وقد وجد لنفسه أسبابا يبرر بها أفعاله الملعونة..
صدق الناس الرجيم الذي زرع بينهم الشبهة وعدم الثقة حتى أصبحوا يشتبهون في أمر بعضهم البعض، رحل الأمان بعدما حل الخوف، ورحل السلم بعدما حل الشك، فقط من هم أعلم بالبياض يعلمون أن ذاك مجرد قناع وستار يخفي خلفه عالما بالأسود والأحمر لا صلة له بعالم الصفاء والنقاء وأنه هنا للتفرقة بينهم لينفرد بكل واحد على حدة والسيطرة عليه بسهولة ويعلمون أيضا أن مهما حاول الرجيم ومهما دنس لن يعلق شيء من القذر على بياض حافظ على لونه لآلاف القرون.
الرجيم ابن مصلحة فقد تزاوج والداه زواج مصلحة يخول لهم الحصول على ابن ينفذ رغبات والديه وفي حالتي النجاح أو الفشل سيتخلصون منه لا محال، إنه بمثابة مسدس كاتم للصوت يقتلون به كل من يقف عائقا في طريقهم دون لفت الانتباه، ولابد من التخلص من أداة الجريمة..
والرجيم هو أداة للجريمة في حق السلام والإسلام، لكن يظل السؤال المطروح هنا من هما الشمطاء والشيطان؟! أيا كانوا فهم لا يريدون السلام بكل تأكيد بل هدفهم الوحيد هو التفرقة يسعون لقتل الثقة لنشك في كل ما يدور حولنا حتى أنفسنا.
فلنقف برهة لنفكر ونسأل أنفسنا هل كنا حقا يدا واحدة! وهل كنا نثق في بعضنا البعض!
الإجابة طبعا لا لم نكن بحاجة لهذا الرجيم أن يفرق بيننا وينتزع منا الثقة فقد كنا منذ القدم أعداءا لا إخوة نحارب بعضنا البعض، نكيد ونحيك الدسائس وكأننا وسط معركة كل منا يشهر سيفه معلنا الويل والهلاك، لذا فالرجيم وجد الطريق سالكا بل كان يعلم مسبقا بوجود ثغرات بيننا فقرر شحنها بالكره والضغينة أكثر من ذي قبل.
نحن العرب نؤمن بالاختلاف وننقاد وراءه ونرحب بكل من هو غريب عنا ونخدمه على أكمل وجه طالما كان هذا الاختلاف يتحدث لغة غير لغتي، وننفر ونمقت التشابه خاصة اللغة والجنسية وهذه بمثابة نقطة ضعف بالنسبة لنا التي كان من السهل التعرف عليها، فاستغلها الرجيم أحسن استغلالا.
يظهر لنا مرتديا لباسا مختلفا عنا فننجذب وننساق لكلامه حتى وإن كان لا أساس له من الصحة ليحاربنا بعدها في زينا، فنعلن حالة طوارئ لنبحث عنه بيننا بل ونجده فيلقى حتفه، لكننا نكون في الأصل قد ألقينا بواحد منا وسط النار، أما الرجيم الملعون فقد خلع ثوبنا وارتدى ثوبا غريبا يبعد عنه الشك.