مدونات أدبية

رماديّ

أثناء حياتك قد تصادف مُفترق طُرق بل حتماً ستحيا تلك اللحظات الفارقة “المصيرية”.. ستجد نفسك رَهناً بواقع يُجبرك على اتخاذ قرار بين خياريّن لا ثالث لهما فلا تقف في منتصف بل امضي نحو وجهتك التي اخترت..

تستعرُّ الحيرةُ فيك. تجد نفسك مُحاطاً بالإحباط وتُكسّرُ مجاديفك وتشعر بالوحدة القاسية! قد ينتابك الضعف وتوشكُ على الاستسلام والتوقف والخضوع للأمر الواقع!

هُنا تبدأ معركتك الحقيقية، فإما النصر أو الانهزام!

إما التخلي عن “طموحاتك وأهدافك وسبب وجودك” أو الاستمرار وتحمّل العواقب ودفع الثمن غالياً.. مع مرور الوقت ستُدرك ماهيّة الأشياء وقيّمُها الحقيقية.. فتعرف أن ليس كل لمعانٍ بَريق، وأنك دائماً تجهل.. دائماً هناك ما هو مجهولٌ بالنسبةِ لك. لذلك اسعى للمعرفة.. للحقيقة، وحاول أن ترى بوضوح أكثر.. حاول أن لا تحكم بشكل مُسبق في أيّ أمر..

شيئاً فشيئاً سيُغادرك الطفل الباقي في أعماقك.. لتكبُر (عقلياً) بغض النظر عن عمرك الزمني.. لتستعوب الخيبات الحادّة التي لا محالة تُعمل في قلبك سهامها.. لتمضي ولا تلتفت للحفر التي واجهتك وأخّرت مسيرك.. وقوفك لن يكون سوى “استراحة مُقاتل” يعود مُجدداً ببأسٍ أشد وبخطةٍ مُحكمة تضمن النصر أخيراً، مُقاتلٌ مؤمن بما يُريد.. يعرف جيداً كيف يكون النصر!

لا تكن “رمادياً” في تعاملك مع الحياة ومُجرياتها..

لا ترضى بأنصاف الحلول وأنصاف الطموحات والمواجهات.. قُل ما تُريد لا ما يجب عليكَ قوله..

حاول أن لا تقومَ بدور “المُمثل” في تعاملاتك وانفعالاتك.. لا تَقبل “المُحبطين” في جوارك، لا تجعلهم يقيّدوك بعُقدهم.. اُخرج من دائرة الخوف والتردد، في البداية ستجد نفسك وحيداً في مكانٍ غير مألوف، لا بأس ستعتاد وستجد نفسك في مدىً واسع.. لا يُشبه تلك الدوائر الضيّقة الخانقة!

المجهول دائماً مُرعب، والاختلاف عادةً مُوحش.

ليسَ سهلاً عليك أن تكون “حقيقياً” في واقعٍ يفرض التزييف والوهم، أن يعلو صوتك بين الصامتين.. أن تقول لا في زمن “النعم” وهزّ الرؤوس..

أن تكونَ ذا لون “حقيقيّ” في زمن الرماديّ يعني: أن تكون أنت.. أن لا تقبل بوجودك على الهامش.. أن تكون واضحاً، أن لا تتعلق بالعابرين.. وأن تسير قُدماً للأمام دون أن تلتفت..

عندما تتجاوز “الرماديّ” تتحرر من عبوديتك للأشياء وللحدود (الزمانية والمكانية) التي تُكبلك وتتخلص من الأوهام وتبدأ بمعرفة “الحقائق” بلونها الحقيقي.

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

أظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى