الوسادة: هل ستنام هاته الليلة أيضا أم أنک ستمضيها وأنت تتقلب كالعادة؟
– لا أظن أنني سأعرف للنوم طعما بعد هذا !
الوسادة: إذا لم تكن راغبا في النوم فلما تثقل ظهري؟
– هروبا من اليقظة !
الوسادة: كيف؟ لم أفهك.
– سأوضح لكي، أحاول الهروب من تلكم اللحظات التي أحس فيها نفسي واعيا !
الوسادة: فهمتک، تهرب عندي خائفا من الانفراد بنفسك.
– نعم، أحاول دائما أن أدخل عالم اللاوعي حتى لا أدخل مع نفسي في جدالات تتضمن مواضيعٱ لطالما تفرض نفسها طالبة للطرح والمناقشة !
الوسادة: ولِمَ لا تناقشها وتعالجها حتى تتوافق مع ذاتک فتعود بعدها إلى حالتك الطبيعية؟
– لا أحبذ حتى تذكرها فما بالك بمناقشتها وتحليلها، كرهت الماضي ولا أحب فتح دفاتره.
الوسادة: بمناسبة ذكرک للماضي، ماذا لو تحدثني ولو قليلا عن ماضيك؟
– لا.. لا مستحيل أن أعيد فتح أوراق عمدت طويها حتى أهنأ.
الوسادة: وهل ترى نفسک مرتاحٱ؟
– هكذا أفضل بكثير من أن أقبل مرة أخرى على تصفح أوراق كتاب الماضي.
الوسادة: إصرارک هذا على الكتمان شوقني إلى سماع قصتک! أرجوك لا تحرمني من أن أساندك في هذا الضر الذي تتخبط فيه.
– يعني أنكي لا تزالين مصرة؟
الوسادة: نعم وبشدة !
– إذا اسمعي، من حرمني من النوم وجعلني هشا إلى أبعد ما تتصورين هي حسناء تربعت على عرش قلبي فأحيته بعدما موته، لكنها لم ترحم ضعفه وبساطته فراحت تقطعه إربا إربا دون شفة ولا رحمة!
الوسادة: حسب ما فهمته من إجابتك المختصرة هذه أن هنالك من تمردت على ميولگ العاطفي، مما أثر فيک هذا، فرحت تتخبط في ظلمات الفراق والشوق وحدك.
– صحيح أصبتي، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني شدة الفراق والغياب فقلت فيها من الشعر كالاتي:
قسمت ظهري يا حسناء مودع *** فما لقهر الزمان بيا فاعل؟
أفي عيناكي سحر إليک حازني *** أم أني بلغة العيون جاهل؟
ٱعلى هذا الطريق يجزى العشيق؟ *** هلا أجبتي سائلا يسأل؟
الوسادة: ٱلهذا الحد يأثر العشق على العاشق؟
– بلا، وأكثر من هذا فمن عشق حقا لن يرحمه الشوق وسيكون الفراق قاسيا لدرجة أن تكون الموت رحمة يتنعم بها هذا الأخير.
الوسادة: لما لا تحاورهٱ بغية أن تفهم أعذار تمردهٱ إن وجدت طبعا؟
– هنا يكمن الإشكال، فأنا في وضعية حرجة تتجلى صورتها في صراع أيديولوجي بين العقل والقلب ذاك مذهبه “المبدأ”، والآخر مذهبه “الحب”، ولكل منهما تأثير بالغ على شخصيتي فأي الطريق تسلک يا جمـــال؟ أم أقيم الحرب وأرى أية الفئة ستنتصر؟
الوسادة: من المؤكد أنگ خرجت من كل هاته البلبة بمغزى هلا أفدتني به؟
– آه.. العشق مدرسة دروسها الشوق وامتحانها الفراق ولا أظن لتلميذها أن يصيب النجاح مهما أفلح في الاجتهاد.
الوسادة: ما الذي تشعر به بعد أن تحدثت ووضعت بعض الشيء مما هو بداخلك؟
– صدقيني لم أشعر بشيء، فما تحاورنا فيه شريط لم يفارقني لحظة واحدة، ولهذا كنت أحاول الهروب حتى أنسى ماضيا قد خلى وبقيت ذكرياته التي تضغط على جرح عميق أسعفه تداول الأيام ومرورها سطحيا، إلا أن آلامه تسري بجسمي كلما تذكرت، فما أقبح الذكريات عندي وما أحب إلى قلبي إصابة الزهايمر هاته الفترة !
كاتب التدوينة: جمال سلطاني