مدوناتمدونات الرأي

عاصمة فلسطين القدس يا ابنتي!

فتحت الراديو، شغلته على إذاعة الأخبار كي أعرف جديد البلاد، صدح صوت مرتجف: إسرائيل عاصمة فلسطين!..

بدا كأنه لأول مرة يضطر لإعلان خبر لا يريده.. تغافلت عن الخبر، أغلقت الراديو بتذمر، رحت أجول في المنزل كمن فقد شيئا يصعب إيجاده، أحاول تشتيت ذاكرتي، تناسيت عمدا ولم أنسَ العبارة: إسرائيل عاصمة فلسطين!..

إسرائيل عاصمة فلسطين.. إسرائيل بدل فلسطين، ما أثقل لساني على قولها، كيف استطاع لسان المذيع إعلان خبر كهذا؟ لربما أجبروه على ذلك، أو هددوه بالقتل، فلسطين البلد الوحيد الذي اعتبره العالم وطن له، لا يمكن أن تندثر بهذه السرعة.

تذكرت فلسطين الصامتة عن الجرح، تذكرت عذريتها أيام صلاح الدين الأيوبي، مساجدها الخاشعة بالأذان وأحياءها العتيقة المليئة بأجساد صامدة. لم |أنسَ أول اغتصاب لها سنة ١٩٤٨من طرف الصهاينة الإسرائليين. ولا المجازر التي هدموا فيها كل شيء حتى الإنسان!

تذكرت وجه أمي وصوتها الذي جاءني فجأة من بعيد:

هنا القدس يا ابنتي، زهرة المدائن، وجهة الضالين، ووطن الأبرياء، هنا حيفا وهنا يافا، وهذه الخليل. كانت تعبر بأناملها كل مدينة في الخريطة، وتحكي لي ما يميز مدينة عن أخرى وكأنها تتعمد ذلك. تكرر بين الفينة والأخرى عاصمة فلسطين القدس يا ابنتي.. لا تنسِ هذا مهما حاولوا إجبارك قول العكس.

كيف لمدينة كإسرائيل أن تأخذ مكانة القدس، كيف لأيادي تلطخت بدم الأبرياء أن تصير نظيفة بين ليلة وضحاها، لا يمكن أن يغير العالم ذلك في نفوس الفلسطينين حتى لو غيروها في مواقعهم، لا يمكن لذاكرتنا أن تستوعب الاسم الجديد يا ابنتي، ولا أجسادنا أن تنسى الضرب والعنف، القتل والتهديد..

صمود الفلسطينين كل هذا الوقت لا يستحق نتيجة كهذه. لربما لم تعرف أمي حينها أن خريطتها وحدها من تعترف بالقدس عاصمة فلسطين، وأن الزمن تغير، وخريطة العالم تعترف الآن بإسرائيل.

لو نعمت فلسطبن بالراحة قليلا كإخوانها، ماذا لو لم يخنها أصدقاؤها العرب، يقولون الصديق وقت السوء والحقيقة أن الصديق من يجلب السوء!

ماذا سأفعل في أول مرة أدخل فيها القدس يا أمي؟ أعرف بأنها العاصمة، أخبرتني أن عاصمة فلسطين هي القدس، رسمت لي قبة الصخرة في رأسي، احتفظت بهذه المعلومة كأنها المعلومة الأخيرة، كأنها الخلاص لي، حتى صارت خارج قانون النسيان!

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

أظهر المزيد

هدى القطار

طالبة ومدونة مغربية. ما أقدر القلم على تلويث الورقة، ما أقساه عندما يأخذ منا الأصدقاء، ونعيش دوامة الفرح والحزن على هامش السطور!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
marsbahisEscortSaatlik escortManisa escortGümüşhane escortfethiye escortzlotcasibombets10bettilt girişcasibom girişslot siteleribetmatikdeneme bonusubonus veren sitelerjojobetfethiye escortfethiye escortbbets10deneme bonusu veren sitelerdeneme bonusu veren sitelerhholiganbetdeneme bonusuonwinparabetdeneme bonusu veren sitelermarsbahis giriştaraftarium24fethiye escortfethiye escort
Etimesgut evden eve nakliyatankara ofis taşımacılığıEtimesgut evden eve nakliyattuzla evden eve nakliyatçankaya evden eve nakliyatmersin evden eve nakliyatçekici ankaraAntalya Çitseo çalışmasıtuzla evden eve nakliyatmaldives online casinoankara evden eve nakliyatoto çekiciEtimesgut evden eve nakliyatEtimesgut evden eve nakliyatEtimesgut evden eve nakliyattuzla asansörlü nakliyatpolatlı evden eve nakliyatMedyumniğde evden eve nakliyatyenimahalle evden eve nakliyateskişehir uydu servisigoogle adspubg mobile ucankara evden eve nakliyattuzla nakliyatüsküdar evden eve nakliyatMapsodunpazarı emlakAntika alanlarAntika alanlarAntika alanlareskişehir web sitesikocaeli evden eve nakliyatAntika mobilya alanlarantika eşya alan yerlerantika eşya satmakseo fiyatlarıMetafizikMedyumbmw repair edmontonAntika alanlarAntika alanlarAntika alanlarAntika alanlarAntika Eşya alanlarAntika Eşya alanlarantikaİzmir Medyumweb sitesi yapımıteknede eğlencereplika saatreplika saatreplika saatkumar siteleriAntika mobilya alanlarAntika mobilya alanlardijital danışmanlıkcin musallatımarsbahis girişmarsbahis girişmarsbahis girişmarsbahis girişcasibom giriş twitter