“أكبر نكتة هي حينما تعيش في مكان وتتجرأ بتسميته “وطناً” بينما حياتك وقيمتها بالنسبة لمواطنين هذا الوطن لا تعادل أكثر من قيمة الرصاصة التي يقتلونك بها حينما يقرر أحدهم ذلك.”
صدق “مصطفى الصوفي” حين قال هذه الجملة علناً أمام وطنه.
يوماً بعد يوم يعطي المغرب عن نفسه صورة الوطن الغاضب، الوطن المكسور، الوطن الطاغي، ربما من الأفضل أن نعيش في نظام لأباطرة الفساد على أن نعيش تحت سلطة من يدّعون الفضيلة والذين يقمعوننا من أجل مصلحتنا.
ربما وطننا الآن يعاني من الفساد وعدم المسؤولية و”السيبة” لا يخلو يوم إلا ونقرأ فيه عن الاغتصاب والمكر والفساد والسرقة، ربما نحن بعيدون كل البعد عن الدول المتقدمة.
ليس بمعنى أوضح أن حدوث التقدم في وطننا مرتبط بالثورة وافتعال توارث لا بل إن أكثر البلدان توراثاً هي أبطؤها تقدماً، كما أن أكثرها تقدماً هي أقلها توارثاً أو لا توارث فيها.
هنا في وطننا لقد طمس الطغاة والمستبدين عقول الناس حتى جعلونا ننسى لذة العيش الكريم في وطننا.
ما أغرب وطننا اليوم حين نشاهد سائحاً أجنبياً يجر عربة مسكين لأن هذا الأخير رجل مسن فقير لا يملك حتى أدنى وسائل الحياة وهي الصحة.
غريبون في وطننا أيها العرب ليست فقط سوريا ولبنان وفلسطين من يعانون، نحن كذلك نعاني، لكن في صمت؛ لأننا مطموسو الحرية والتعبير عن أبسط حقوقنا وهي العيش الكريم.
أنتقدك وأمدحك بين الفينة والأخرى أنا مريضة بك يا وطني وشفائي بشفائك نصحوني بأن أهجرك، لكن لا أريد أن أكون مغتربة عنك، لا أجد ما يعجبني فيك، ما إن أفتح عيني في صباح على الجريدة أترقب نزعات بالخط العريض عن عدد الأحزاب في بلدي الذي لا أعرف مَن يسيّر أموره، وفي الصفحة الموالية أجد أخباراً عن نصائح لزيادة معدل حرق السعرات الحرارية في الجسم ومدة الرضاعة الطبيعية بالدقائق، وهل البطاطس المسلوقة تزيد الوزن، ولن أنسى أنني كنت في يوم جالسة أنا وأبي أتصفح الجريدة؛ إذ بي أرى بالخط العريض وصفات بالأعشاب لحل البرود الجنسي.
ماذا أصابك يا وطني؟ إذ لا أجد فيك ما يفيدني، ضاق بنا الحال يا وطني مثل الأمي مثل المثقف لا فرق بيننا، فيك لائحة رغباتنا باتت محصورة في رد اعتبارنا كبشر أولاً، ثم بعدها كأمة، كمواطنين كطلاب كأساتذة كأطباء كتجار كمساكين كفقراء كرضع كمرضى في مستنقعاتكم، عذراً أقصد مستشفياتكم.
موعد قطاري المتجه إلى الرباط العاصمة الآن، كان بودي أن أكتب عن لائحة رغباتنا في وطننا، لكن لا بأس ما إن تحققت واحدة منها وهي قدوم قطاري في وقته بالضبط فهذا بات من ضمن رغباتنا.. إلى الشعب الذي هو مداد كل شيء.