أي نيران تحاصرك في كل مكان، كل الأشهر متشابهة، أزاهير في قلبك تحترق تباعا فتذروها الريح دخانا.. سلاسل تربطك لتشعر أن يومك يُعاد.. أي سجن أنت فيه تارة تصلي وتارة تترك، تارة تدعو وتارة تلوم، إن أصابك خير شكرت.. وإن أصابك شر كفرت.. كله من عند الله وما عند الله خير..
ويحك يا صاح أفق! هذه أشياؤك التي تعبدها ستهلكك لو عرفنا قيمة ذكر الله لقلنا ما رأينا أسهل منه، لو عرفنا قيمة الصلاة لهلكت ظهورنا من السجود، تلك أمور نسهو عنها ولا ندري عاقبتها..
تستيقظ كل صباح لتدور كالآلة في دوامة رتيبة ترشقك مسامير الضجيج نفسها وتخنقك رائحة الملفات نفسها وتلهب وجهك لفحات الحرائق ذاتها وتطول آمالك وتتسع طموحاتك ولا تخرج عن نطاق أشيائك التي لا تعدو أن تكون في نهاية المطاف سوى حفنة تراب وتجري بكل قواك خلف متاعها وقد لا تصل فتشقى.. وقد تصل فما إن تضع يدك عليها حتى تصير مغلولة إليها..
وقد سعيت لتكون مالكا تصبح مملوكا هي الدنيا وشهواتها، تسعى لتصبح مديرا فإذا أنت أسير ليس لك الساعة إلا أن تفر لتنظر من مرآة هادئة لا انفطار فيها ولا اعوجاج قد جئت بعد خريف قاس عار الأغصان تبحث عن دفء التوبة وسكون الاعتراف.. فهذا رمضان فرصة للتوبة، للتكفير، للعودة إلى ظلال الرحمان والطاعات..
هذا النور الأزرق القادم يرسم الآن لحظة فاصلة بين الصفاء الصادق والدجل البهيم، هو فجر جديد يطل باب فتح لك أن بلغك الله شعبان لتستعد لرمضان فتحت أبواب الجنان..
شعبان هو باب لرمضان، ورمضان شهر تفتح فيه أبواب الجنة، شهر أُنزل فيه القرآنـ شهر مبارك فرصة للعودة إلى النور الإلهي، أعقد النية على الصيام والقيام والذكر فالنفس لا تدري متى ستسقط ورقتها، هلم أخي المسلم وشمر وضع برنامجا يكفيك و فتح لك باب التوبة والعودة، أضف إلى الآذان بقلبك واقرأ القران بقلبك تدبر وأحب الآيات، تأمل واشكر الله على ما رزقك..
شمر أخي المسلم فرمضان على الأبواب لا تقف مكانك تحرك، ولا تعد هاربا إلى الوراء نحو بحر لجي من الظلمات..
رمضان فرصتك؛ الأرض راحلة طوعا لا كرها، فاختر يا أخي ما تشاء، أدخل خلوة الإيمان وفارق تيه الوحشة والضياء ومستقبلا بوارق من مقام الأنس بالله، هذه يقظة ولكل يقظة غفلة فخذ الأسباب فإنها مقام الابتداء بلا انتهاء، وأصحب الكون السالك فلأحواله أمارات الوصول إلى الله، واجعل أنيسك قرآنك، وإذا استوحشت من الطريق فاصبر أن وعد الله حق، فلجام التعبد يروض حافر المنكر والتوبة عودة والعودة نور..
ألا تغار ممن يستيقظ بنور قيام الليل، ألا تغار ممن يذكر الله أناء الليل وأطراف النهار، ألا تغار ممن يقال عنهم أهل الله، ألا تغار ممن يتوب ويبكي في ظل الله تعالى وهو يستشعر ذاك الرابط القوي…
اجعل رمضان فرصة لتعيد نفسك من وهنها إلى قوتها، وعجزها إلى استطاعتها، وخوفها إلى شجاعتها، واستشعر لذة العبادة فرمضان فرصة لكل محب لكل تواب لكل صابر لكل عبد لكل مسلم بل لكل إنسان..