مدوناتمدونات أدبية

يوما ما.. ستموت الأم

الأم العظيم...

يوما ما.. ستموت الأم

ماتت الحبيبة الأم التي ذابت قلوبنا حزنا عليها..

ماتت الأم.. حقيقة ستدركها عقلولنا وستنكرها نفوسنا وأرواحنا حتى نلقاها لعلنا..!!

ماتت الأم.. فماتت الدنيا، ماتت الأم فمات العالم، ماتت الأم فمات الناس.

يوما ما سيسكت الصوت الذي كان يترنم بتسابيح الملكوت، وسيهاجر الطائر الذي كان يغرد بصوت السماء.. يوما ما ستختفي بسمة العائلة ورحمتها. يوما ما سيموت الصدر الحنون ومصدر الأمان والحنان والإيثار، سيتوقف القلب الرقيق فجأة عن النبض وسيجف فيض الحنان ونبعه، سيجف بعد أن أغدق سيله على كل من حوله وعلى كل من احتاج ليرتوي.

ماتت الأم، فأصبحنا نحيى ببعض نفس وبعض روح وبعض عقل، ماتت يد لم تكن تعرف إلا العطاء، وقلب لا يعرف إلا الحب والصفح والغفران، ووجه لا يعرف إلا الإقبال والابتسام، وقد نقول بل أننا نقول لو كنت أملك من عمري شيئا لأعطيت أمي ما يجعلني لا أفارقها ساعة، لكن هل أعطيناها من دقائقنا وسويعاتنا كما نعطي الأصدقاء وتجار الحب، سنذكر أنها كانت وعلى الرغم من مرضها تشعر بنا، بفرحنا، بألمنا، تعيش واقعنا بحلوه ومره، وجودها يشعرنا بالأمان والقوة، إنها الأم التي لا تطيب الحياة إلا بوجودها ولا يهنأ العيش إلا بقربها ولا تقر العين إلا برؤيتها، في تلك اللحظة سننطلق حيرانين وسنسأل أنفسنا، كيف ذلك، في لحظة مصادفة للحقيقة، والحسرة تذبحنا وأنفاسنا الطويلة تحشرج..!

سنجلس تحت ظل الجدار نصرخ ودموعنا كالنار تحرقنا، وسنقول لا ترحلي يا أماه وتتركينا نعيش بعدك حياة أحزان ودموع، لا ترحلي وتقلبي أيامنا ظلاما بلا شموع وكالقفص الصدري المكسور الضلوع..

سننظر للسماء لنسأل أين ترحلين يا فرحة الوجود، أيًّا من تستمد منك الشمس نورها فلم يعد بعدها قلب يضخ الحب والعفو بلا حساب، ولا صدر يحتوينا فينفث عطر الأمن والأمان بلا مقابل، هي المعنى الذي صنعه الله من رحمة خالصة ومن حب خالص ومن غفران خالص، لا يغيره كدر ولا يبدله عقوق، فإذا ضحكت ضحكت الدنيا بأسرها، وإذا بكت بكت الأرض والسماء، سيموت يوما ما سر من أسرارنا، وهداية حياتنا وترجمان كياننا، العالم كله على صدر أمهاتنا، فإذا وضعنا فيه رؤوسنا كنا ملوكا متوجين نمسك بمفاتيح العالم بأسره..

كانت قبلة الله التي حطت على جبيننا فرسمت في وجوهنا معالم الحياة، وقبلتنا التي نحمل إليها كل ما تحمله قلوبنا من سعادة و شقاء، وستصبح رسائلنا آنذاك، اللهم بلغ أمهاتنا منا السلام، وأجزها عنا خيرا، واجعل عملها الصالح في ميزان حسناتها وأهدها بهدية من عندك، اللهم قد سلمت لك الروح وانقطعت الأسباب إلا سببا موصولا بك، فاللهم أكرم نزلها ووسع مدخلها وأغسلها بالماء والثلج والبرد وأجمعنا بأمهاتنا في مستقر رحمتك في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

أكتب والدمع يقطر..
ألا لعلنا نعتبر..
سامحيني أماه..

جميع المقالات المنشورة تُمثل رأي كُتابها فقط، ولا تُعبر بالضرورة عن ام تي اي بوست.

أظهر المزيد

حمزة الركاني

طالب جامعي مغربي، شعبة الفلسفة كيف السبيل! أكثر ما يعذبني في اللغة أنها لا تكفيني.. وأكثر ما يضايقني في الكتابة أنها لا تكتبني.. أعرف أني أعيش بمنفى.. وبيني وبيني ريح وغيم ورعد وبرق وثلج ونار.. وأعرف أن الوصول لعيني وهم.. وأعرف أن الوصول إلي انتحار ويسعدني أن أمزق نفسي لأجلي وكفى.. فكيف السبيل!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى