جاء سليمان مهرولاً والعرقُ يتصبَّبُ من جبينهِ، يحملُ قنينات من النَّبيذ المُمتاز، لو طلبت منه أن نسهر هذه الليلة نحن الإثنين فقط، سيأتي بنبيذٍ رائحتهُ نتنة وثمنهُ بخس، دراهِمَ معدودات. ولكن نسرين صديقته الجميلة، شعرها ينسدلُ فوق كتفيها المتراصين، وتضعُ مكياجاً بهيّاً، تمشي من الصالون في اتجاه المطبخ بتثاقلٍ شديد، ترتدي ثياباً شفافة.
وأنا جالسٌ في ركنٍ قصيّ، أستمتعُ بلون السماء، وضوءُ القمر المنير، كانت السماء شبيهةٌ بفانوسٍ مضيء. دخل هو ونسرين بعجالةٍ كبيرة إلى غرفته ضيّقة. أما أنا فقد دخنت ثلاثة سجائر بسرعةٍ كبيرة، أتذكرُ بعض الذكريات السيئة التي عشتها في زمنٍ بعيد، وتتملَّكني حسرة كبيرة جراء أحلامي التائهة التي لا أعرف أين ستأخذني.
نمتُ على الأريكة حتى الصباح، بدأت أشعةُ الشّمس تداعبني، تتسللُ من النَّافذة. أسمع خشخشة في الحمام، ذهبت نحوه بخطًى تابثة، نظرت من ثقب باب الحمام، فرأيت جسماً ممشوقاً ليس له مثيل. كانت نسرين تُداعِب بجسدها الرخو المياهَ الدافئة.
عدتُ إلى الأريكة أتمدَّد، ثم خرجت نسرين وألقت عليَّ التحية دون أن تدير وجهها نحوي. دخلت إلى الغرفة لتغيّر ملابسها، أما سليمان فلازال يغطُّ في نومٍ عميق.
نسرين تخافُ كثيراً من أنْ توقظه، لأنَّهما أمضيا ليلةً متعبة، جَسَّدوا فيها ما يجوز وما لا يجوز. ارتدت ملابسها، وضعت مكياجها، ووقفت بجانبي وطلبت مني أن أوقظه لكي يدفعَ لها ثمنَ تلك الليلة المتعبة. لبّيْتُ طلبها بعد إلحاحها الشديد، أيقظته من نومه، فتح عيناً واحدة، أخبرتهُ بما تريدهُ نسرين. نزل من السرير وأنا أتبعه، لم يتحدث معها، نظرَ إليها بنظراتٍ ثاقبة، راحَ صوب المطبخ، أخذ سكيناً من الحجم الكبير وخرج مسرعا، ضربها على ساعِدها بوجه السكين، فخافت كثيراً، بقيتُ ساكتاً وأترقبُ ما سيحدث، اندهشت نسرين من ردَّة فعله. فتحت باب الشقة وخرجت مهرولة نحو وجهةٍ لا يعلمُها أحد.
عادَ سُليمان إلى سريره بكلِّ أريحية، ويقولُ في نفسه كم أنا محظوظ، استمتعت بليلةٍ حمراء وبشكل مجاني. اذهبي إلى الجحيم. ابتسمتُ ابتسامةً مَرِحة، وفرحِتُ كثيراً لأنني أمتلكُ صديقاً غريبَ الأطوار كسليمان.