لا يختلف اثنان حول مزايا السفر والترحال، ومفصليتهما في تكوين شخصية الفرد وتوجيه خبراته نحو الكمال وإن كان مطلبا صعب المنال، يتأرجح بين اكراهات الواقع وأمراضه العضال وبين كفايات الفرد في شتى تجلياتها بما فيها مهارة الانخراط في الحياة الاجتماعية لتقريب المحال.
ومن هنا بدأت قصة صاحبنا الذي تسلح بالإيمان والعقل والاتزان، وقدرته على العطاء دون انتظار مقابل، وهي صفات ندرت في هذا الزمان، فجمع العدة وكان رأس ماله قلم وبضع دريهمات ودعاء الآحبة والأصحاب بالتوفيق والسداد، وكله أمل في غد شمسه ساطعة تنشر أشعتها على مخلوقات رب العباد.
لم تكن الطريق معبدة بل شابتها عراقيل ما فتئ يتحداها بصبر جميل وارادة تفوح منها رائحة المبادئ الراسخة بإمكاناته السامية والقادرة على خلق المستحيل،
وتطويع أسوار القلعة العاجية التي كان تحريرها مقصده ومرامه، في سبيل خدمة وطنه ورفع راية الانسجام مع الذات وتغيير العقليات المتحجرة التي احتلت فناء القلعة حقبة من الزمــن.
لم تخلو الطريق من الرفقة الطيبة التي كانت تؤنس وحدته وتشد عضده، راجية بدورها الظفر بالغنيمة التي كانت تنتظرهم إذا ما حققوا النصر المكين.
حالة الهدوء والسكينة التي سادت حول القلعة، أوهمت الجميع بحتمية الانتصار، نسوا أن الحرب خدعة، إلا أن عاصفة هوجاء أكلت اليابس والأخضر، لفتهم ما إن دنوا من أسوار القلعة، فمنهم ناج ومنهم من هلك، أما صاحبنا فجراحه لم تندمل إلا بعد حين.
لم يستسلم هذا المحارب، عكس تنبؤات حاشيته، بل أبى إلا أن يواصل مشواره، متحديا كل أشكال الظلم والطغيان، مصرا على الانتصار لكفاءته ومبادئه، عازما على الهروب إلى الأمام وحشد أسلحته المشروعة رافعا الهمم، ولسان حاله يقول: أليس الصبح بقريب.
إلى كل محب للوطن..
إلى كل رفاق الدرب.. إلى كل الأحباب والأصدقاء..
كاتب التدوينة: عبد اللطيف الزايدي
تعليق واحد